عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٦٤٧
داره ولم يزل حتى ثارت العسكر على من بالبلدة من الامراء وحصروا إبراهيم بك ببيته في ثاني يوم هاربا والمترجم خلفه والرصاص يأخذهم من كل ناحية فأصيب في دماغه فمال عن جواده واستند على الخدم وذلك جهة الدرب الأحمر فلم يزل في غشوته حتى خرجت روحه بالرميلة فأنزلوه عند باب العزب واحتاط به المتقيدون بالباب واخذوا ما في جيوبه ثم احضروا له تابوتا وحملوه فيه إلى داره فغسلوه وكفنوه ودفنوه بالقرافة سامحه الله فإنه كان من خيار جنسه لولا طمع فيه ولقد بلوته سفرا وحضرا يافعا وكهلا فلم ار ما يشينه في دينه غفوفا طاهر الذيل وقورا محتشما فصيح اللسان حسن الرأي قليل الفضول جيد النظر ومات العمدة الشريف السيد إبراهيم أفندي الروزنامجي وهو ابن أخي السيد محمد الكماحي الروزنامجي المتوفي سنة سبع ومائتين والف واصلهم روميون الجنس وكان في الأصل جربجيا ثم عمل كاتب كشيدة وكان يسكن دارا صغيرة بجوار دار عمه واستمر على ذلك خامل الذكر فلما توفي عمه السيد محمد انتبذ عثمان أفندي العباسي المنفصل عن الروزنامة سابقا يريد العود إليها عن شوق وتطلع لها وظنه شغور المنصب عن المتأهل اليه سواه فلم تساعده الاقدار لشدة مراسه وسأل إبراهيم بك عن شخص من أهل بيت المتوفي فذكر له السيد إبراهيم المرقوم وخموله وعدم تحمله لاعباء ذلك المنصب فقال لا بد من ذلك قطعا لطمع المتطلعين والتزم بمراعاته ومساعدته وطلبه ونقله من حضيض الخمول إلى أوج السعادة والقبول فتقلد ذلك وساس الأمور بالرفق والسير الحسن واشترى دارا عظيمة بدرب الاغوات وسكنها واستمر على ذلك إلى أن ورد الفرنساوية إلى مصر فخرج من خرج هاربا إلى الشام ثم رجع مع من رجع ولم يزل حتى تمرض وتوفي في يوم الأربعاء سادس عشر القعدة من السنة رحمه الله تعالى
(٦٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 642 643 644 645 646 647 648 649 650 651 652 ... » »»