لاقى الحجاج وأمير الحاج صالح بك رجع صحبتهم إلى الشام وحصل منه بعد ذلك المواقف الهائلة مع الفرنساوية مع أستاذه ومنفردا في الجهات القبلية والشامية ولما انجلت الحوادث وارتحلت الفرنساوية من الديار المصرية واستقرت المصريون بعد حوادث العثمانية تأمر المترجم في ستة عشر صنجقا المتأمرين وظهر شأنه واشتهر فيما بينهم ونفذت أوامره فيهم ونغص عليهم وناكدهم وعاندهم وأغار على ما بأيديهم حتى ثقلت وطأته عليهم فلم يزالوا يحتالون عليه حتى أوقعوه في حبال صيدهم وهو لا يخطر بباله خيانتهم وغدروه بينهم كما ذكر ومات الأمير رضوان كتخدا إبراهيم بك وهو أغنى مماليكه رباه وأعتقه وجعله جوخداره وكان يعرف أولا برضوان الجوخدار واستمر في الجوخدارية مدة طويلة ولما رجع مع أستاذه في أواخر سنة خمس ومائتين وألف بعد موت إسماعيل بك وأتباعه إلى مصر أرخى لحيته وتقلد كتخدائية أستاذه وتزوج ببعض سراريه وسكن دار عبدي بك بناحية سويقة العزى ثم انتقل منها إلى دار مكة على بركة الفيل تجاه بيت شكر فره وعمرها وصارت له وجاهة بين الامراء والأعيان وباشر فصل الخصومات والدعاوى وازدحم الناس ببيته واشتهر ذكره وعظم شأنه وقصدته أرباب الحاجات وأخذ الرشوات والجعالات وكان يقرأ ويكتب ويناقش ويحاجج ويعاشر الفقهاء ويباحثهم ويميل بطبعه إليهم ويحب مجالستهم ولا يمل منهم وعنده حلم وسعة صدر وتؤدة وتأن في الأمور وإذا مهر له الحق لا يعدل عنه وعنده دهقنة ومداهنة وقوة خرم ولما حضر علي باشا الطرابلسي على الصورة المتقدمة كان المترجم والمتعين في الارسال اليه فلم يزل يتحيل عليه حتى انخدع له وادخل رأسه الجراب وصدق تمويهاته وحضر به إلى مصر وأوردوه بعد الموارد وحاز بذلك منقبة بين اقرانه ونوه بعد بشأنه وخلعوا عليه الخلع وعرضوا عليه الامارة فأباها واستمر على حالته معدودا في أرباب الرياسة وتأتي الامراء إلى
(٦٤٦)