والصالحين ليقربوهم إلى الله زلفى ويشفعوا لهم عنده وأخبر أنه لا يهدى من هو كاذب كفار وقال تعالى * (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون) * فأخبر انه من جعل بينه وبين الله وسائط يسألهم الشفاعة فقد عبدهم وأشرك بهم وذلك أن الشفاعة كلها لله كما قال تعالى * (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) * وقال تعالى * (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم) * وقال تعالى * (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) * وهو سبحانه وتعالى لا يرضى الا التوحيد كما قال تعالى * (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) * فالشفاعة حق ولا تطلب في دار الدنيا الا من الله كما قال تعاى * (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) * وقال تعالى * (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) * فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الشفعاء وصاحب المقام المحمود وآدم فمن دونه تحت لوائه لا يشفع الا بأذن الله لا يشفع ابتداء بل يأتي فيخر لله ساجدا فيحمده بمحامد يعلمه إياها ثم يقال ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع ثم يحد له حدا فيدخلهم الجنة فكيف بغيره من الأنبياء والأولياء وهذا الذي ذكرناه لا يخالف فيه أحد من العلماء المسلمين بل قد اجمع عليه السلف الصالح من الأصحاب والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم ممن سلك سبيلهم ودرج على مناهجهم وأما ما حدث من سؤال الأنبياء والأولياء من الشفاعة بعد موتهم وتعظيم قبورهم ببناء القباب عليها وإسراجها والصلاة عندها واتخاذها أعيادا وجعل السدنة والنذور لها فكل ذلك من حوادث الأمور التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم أمته وحذر منها كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان وهو صلى الله عليه وسلم حمى جناب التوحيد أعظم حماية وسد كل طريق يؤدي إلى الشرك
(٥٩٠)