عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٦
البلدية وخلافهم عند احمد باشا على طائفة الارنؤد وقتلهم وأخرجهم من المدينة فتحزبوا احزابا ومشوا طوائف طوائف وتجمع الارنؤد جهة الازبكية وفي بيوتهم الساكنين فيها وصار الانكشارية إذا ظفروا بأحد من الارنؤد اخذوا سلاحه وربما قتلوه وكذلك الارنؤد يفعلون معهم مثل ذلك هذا والنهب والحريق عمال في بيت طاهر باشا وفرج الله عن المعتقلين والمحبوسين على المغارم والمصادرات وبقيت جثة طاهر باشا مرمية لم يلتفت إليها أحد ولم يجسر أحد من اتباعه على الدخول إلى البيت واخراجها ودفنها وزالت دولته وانقضت سلطنته في لحظة فكانت مدة غلبته ستة وعشرين يوما ولو طال عمره زيادة على ذلك لأهلك الحرث والنسل وكان صفته أسمر اللون نحيف البدن اسود اللحية قليل الكلام بالتركي فضلا عن العربي ويغلب عليه لغة الارنؤدية وفيه هوس وانسلاب وميل للمسلوبين والمجاذيب والدراويش وعمل له خلوة بالشيخونية وكان يبيت فيها كثيرا ويصعد مع الشيخ عبد الله الكردي إلى السطح في الليل ويذكر معه ثم سكن هناك بحريمه وقد كان تزوج بامرأة من نساء الامراء وكان يجتمع عنده اشكال مختلفة الصور فيذكر معهم ولما راوأ منه ذلك خرج الكثير من الأوباش وتزيا بما سولت له نفسه وشيطانه ولبس له طرطور طويلا ومرقعة ودلفا وعلق له جلاجل وبهرجان وعصا مصبوغة وفيها شخاشيخ وشراريب وطبلة يدق عليها ويصرخ ويزعق ويتكلم بكلمات مستهجنة والفاظ موهمة بأنه من أرباب الأحوال ونحو ذلك ولما قتل أقام مرميا إلى ثاني يوم لم يدفن ثم دفنوه من غير راس بقبة عند بركة الفيل واخذ بعض الينكجرية رأسه وذهبوا بها ليوصلوها إلى محمد باشا يأخذوا منه البقشيش فلحقهم جماعة من الارنؤد فقتلوهم واحذوا الرأس منهم ورجعوا بها ودفنوها مع جثته وكتب احمد باشا مكتوبا إلى محمد باشا يعلمه بصورة الواقعة ويستعجله للحضور وكذلك المحروقي وسعيد آغا ارسل كل واحد مكتوبا بمعنى ذلك وظنوا تمام النصف ولما نهبوا بيته نهبوا ما جاوره من دور
(٥٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 571 572 573 574 575 576 577 578 579 580 581 ... » »»