برسم التجارة فاجتمع على رجل من الصالحين هناك ولازمه فلما قربت وفاته أوصى اليه بملبوس بدنه فلما توفي جمع الحاضرين وأراد بيعه فأشار إليه بعض أهل الشأن أن يضن به ولا يبيعه فتنافس فيه الشارون وتزايدوا فدفع الدراهم من عنده في ثمنه وأبقاه وكان المتوفي فيما قيل قطب وقته فلبسه الوجد في الحال وظهرت له أمور هناك واشتهر امره واتى إلى الإسكندرية فسكنها مدة ثم ورد مصر في أثناء سنة 1185 وحصلت له شهرة تامة ثم عاد إلى الإسكندرية فقطنها مدة ثم عاد إلى مصر وهو مع ذلك ينجر في الغنم واثرى بسبب ذلك وتمول وكانت الأغنام تجلب من وادي برقة فيشارك عليها مشايخ عرب أولاد علي وغيرهم وربما ذبح بنفسه بالثغر فيفرق اللحم على الناس ويأخذ منهم ثمن ذلك وكان مشهورا بأطعام الطعام والتوسع فيه في كل وقت وربما وردت عليه جماعة مستكثرة فيقريهم في الحال وتنقل له في ذلك أمور ولما ورد مصر كان على هذا الشأن لا بد للداخل عليه من تقديم مأكول بين يديه وهادته أكابر الامراء والتجار بهدايا فاخرة سنية وكان يلبس أحسن الملابس وربما لبس الحرير المقصب يقطع منها ثيابا واسعة الاكمام فيلبسها ويظهر في كل طور في ملبس آخر غير الذي لبسه أولا وربما احضر بين يديه آلات الشرب وانكبت عليه نساء البلد فتوجه اليه بمجموع ذلك نوع ملام الا ان أهل الفضل كانوا يحترمونه ويقرون بفضله وينقلون عنه اخبارا حسنة وكان فيه فصاحة زايدة وحفظ لكلام القوم وذوق للفهم ومناسبات للمجلس وله اشراف على الخواطر فيتكلم عليها فيصادف الواقع ثم عاد إلى الإسكندرية ومكث هناك إلى أن ورد حسن باشا فقدم معه وصحبته طائفة من عسكر المغاربة ولما دخل مصر أقبلت عليه الأعيان وعلت كلمته وزادت وجاهته واتته الهدايا وكانت شفاعته لا ترد عند الوزراء ولما كان آخر جمادى الأولى من هذه السنة توجه إلى كرداسة لايقاع صلح بين العرب وبين جماعة من القافلة المتوجهة إلى طرابلس فمكث عندهم في العزائم والاكرامات مدة من الأيام ثم
(٣٧)