وركب بعضهم بعضا وازدحمت تلك النواحي بالحمير والبغال والخيول والهجن المحملة بالاثقال وباتوا على تلك الصورة ووقع للناس في هذه الليلة من الكرب والمشقة والانزعاج والخوف مالا يوصف وتسامع أهل خان الخليلي من الالداشات وبعض مغاربة الفجامين والغورية ذلك فجاءوا للجمالية وشنعوا على من يريد الخروج وعضدهم طائفة عساكر الينكجرية وعمدوا إلى خيول الامراء فحبسوها ببيت القاضي والوكائل واغلقوا باب النصر وبات في تلك الليلة معظم الناس على مساطب الحوانيت وبعض الأعيان في بيوت أصحابهم بالجمالية وفي أزقة الحارات أيضا وكل متهيء للخروج فلما حصل ذلك وأصبح يوم السبت فتهيأ كبراء العساكر والعساكر ومعظم أهل مصر ما عدا الضعيف الذي لاقوه له للحرب وذهب المعظم إلى جهة الازبكية وسكن الكثير في البيوت الخالية والبعض خلف المتاريس واخذوا عدة مدافع زيادة عن الثلاثة المتقدمة وجدت مدفونة في بعض بيوت الامراء واحضروا من حوانيت العطارين من المثقلات التي يزنون بها البضائع من حديد وأحجار استعملوها عوضا عن الجلل للمدافع وصاروا يضربون بها بيت سارى عسكر بالازبكية واستمر عثمان كتخدا بوكالة ذي الفقار بالجمالية وكان كل من قبض على نصراني ويهودي أو فرنساوي اخذه وذهب به إلى الجمالية حيث عثمان كتخدا ويأخذ عليه البقشيش فيحبس البعض حتى يظهر امره ويقتل البعض ظلما وربما قتل العامة من قتلوه واتوا برأسه لأجل البقشيش وكذلك كل من قطع رأسا من رؤوس الفرنساوية يذهب بها اما لنصوح باشا بالازبكية واما العثمان كتخدا بالجمالية ويأخذوا في مقابلة ذلك الدراهم وبعد أيام اغلقوا باب القرافة وباب البرقية وباقي الأبواب التي في أطراف البلد وزاد الناس في اصطناع المتاريس وفي الاحتراس وجلس عثمان بك الأشقر عند متاريس باب اللوق وناحية المدابغ وعثمان بك طبل عند متاريس المحجر ومحمد بك المبدول عند الشيخ ريحان ومحمد كاشف أيوب وجماعة أيوب
(٣٢٥)