وأما الفرنساوية فإنهم تحصنوا بالقلاع المحيطة بالبلد وبيت الألفي وما والاه من البيوت الخاصة بهم وبيوت القبطة المجاورين لهم واستمر الناس بعد دخول الباشا والامراء ومن معهم من العسكر إلى مصر أياما قليلة وهم يدخلون ويخرجون من باب الفتوح وباب العدوي وأهل الأرياف القريبة تأتي بالميرة والاحتياجات من السمن والجبن واللبن والغلة والتبن والغنم فيبيعونه على أهل مصر ثم يرجعون إلى بلادهم كل ذلك ولم يعلم أحد حقيقة حال الفرنساوية المتوجهين مع كبيرهم للحرب واختلفت الروايات والاخبار وأما الوزير فإنه لما ارتحل بالعرضي تخلف عنه ببلبيس جملة من العسكر وأما عثمان بك حسن وسليم بك أبو دياب ومن معهما فأنهما تقاتلا مع الفرنساوية ثم رجعا إلى بلبيس فحاصروا من بها وكان عثمان بك وسليم بك وعلي باشا الطرابلسي وبعض وجاقلية خرجوا منها وذهبوا إلى ناحية العرضي فحارب الفرنساوية من بلبيس من العسكر ولم يكن لهم بهم طاقة فطلبوا الأمان فأمنوهم وأخذوا سلاحهم واخرجوهم حيث شاؤوا فذهبوا اشتاتا في الأرياف يتكففون الناس ويأوون إلى المساجد الخربة ومات أكثرهم من العرى والجوع ثم لما لحق عثمان بك ومن معه بالعرضي ناحية الصالحية وتكلموا مع الوزير وأوجعوه بالكلام فاعتذر إليهم باعذار ومنها عدم الاستعداد للحرب وتركه معظم الجبخانة والمدافع الكبار بالعريش اتكالا على امر الصلح الواقع بين الفريقين وظنه غفلة الفرنساوية عما دبره عليهم مع لانكليز فقال له عثمان بك ارسل معنا العساكر وانتظرنا هنا فخاطب العسكر وبذل لهم الرغائب فامتنعوا ولم يمتثل منهم الا المطيع والمتطوع وهم نحو الألف وعادوا على أثرهم وجمعوا منهم من كان مشتتا ومنتشرا في البلاد ورجعوا يريدون محاربة الفرنساوية فنزلوا بوهدة بالقرب من القرين لكونهم نظروه في قلة من عسكره وعلمهم بقرب من ذكر منهم فضاربوهم بالنبابيت والحجارة وأصيب سرج سارى عسكر بنبوت فانكسر وسقط ترجمانة إلى الأرض وتسامع المسلمون فركبوا لنجدتهم واستصرخ
(٣٢٨)