عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٣٢٢
ذلك من الخرافات التي لا تروج على الفطن ويقال ان الفرنساوية أرسل إليهم بعض اصدقائهم من الانكليز وعرفوهم ان الوزير اتفع مع الانكليز على الإحاطة بالفرنساوية إذا صاروا بظاهر البحر فلما حصل منهم معهم ما سبقت الإشارة اليه تحققوا ذلك وأرسلوا ليوسف باشا بذلك فلم يجبهم بجواب شاف وعجل بالرحيل والقدوم إلى ناحية مصر وقد كان الفرنساوية عندما تراسلوا وترددوا جهة والعرضي تفرسوا في عرضي العثمانيين وعساكرهم وأوضاعهم وتحققوا حالهم وعلموا ضعفهم عن مقاومتهم فلما حصل ما ذكر تأهبوا للمقاومة والمحاربة وردوا آلاتهم إلى القلاع فلما تمموا أمر ذلك وحصنوا الجهات وأبقوا من ابقوه وقيدوه بها من عساكرهم واستوثقوا من ذلك خرجوا بأجمعهم إلى ظاهر المدينة جهة قبة النصر وانتشروا في تلك النواحي ولم يبق بداخل المدينة منهم الا من كان بداخل القلاع وأشخاص ببيت الألفي بالازبكية وبعض بيوت الازبكية وغلب على ظن الناس أنهم برزوا للرحيل وفي العشرين منه طلبوا مصطفى باشا وحسن أغا نزله امين فلما حضرا إليهم أرسلوهما للجيزة فلما كان اليوم الثالث والعشرين من شوال ركب سارى عسكر كلهبر قبل طلوع الفجر بعساكره وصحبتهم المدافع وآلات الحرب وقسم عساكره طوابير فمنهم من توجه إلى عرضي الوزير ومنهم من مال على جهة المطرية فضربوا عليهم فلم يسعهم الا الجلاء والفرار وتركوا خيامهم ووطاقهم وركب نصوح باشا ومن كان معه وطلبوا جهة مصر فتركهم الفرنساوية ولحقوا بالذاهبين من اخوانهم إلى جهة العرضي فلما قاربوه ارسلوا إلى الوزير يأمرونه بالرحيل بعد أربع ساعات فلم يسعه الا الارتحال والفرنساوية في أثره وغالب عساكره مفرقون ومنتشرون في البلاد والقرى والنواحي لجمع المال ومقررات الفرض وظلم الفقراء وأما أهل مصر فإنهم لما سمعوا صوت المدافع كثر فيهم اللغط والقيل والقال ولم يدركو حقيقة الحال فهاجوا ورمحوا إلى أطارف البلد وقتلوا أشخاصا من الفرنساوية صادفوهم خارجين من البلد ليذهبوا إلى أصحابهم
(٣٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 317 318 319 320 321 322 323 324 325 326 327 ... » »»