عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٥
فارتحل مقهورا إلى نابلس فمات هناك بقهره وحضر من بقي من مماليكه إلى مصر وسكنوا بداره التي بها مملوكه عثمان كاشف وابنته التي تركها بمصر صغيرة وقد كبرت وتأهلت للزواج فتزوج بها خازنداره الذي حضر وهو الآن مقيم معها صحبة خشداشينه ببيتها الذي بدرب الحجر وكان المترجم أميرا لا بأس به يميل إلى فعل الخير حسن الاعتقاد ويحب أهل العلم والفضائل ويعظمهم ويكرمهم ويقبل شفاعاتهم وفيه رقة طبع وميل للخلاعة والتجاهر غفر الله له وسامحه ومات أيضا الأمير أيوب بك الدفتردار وهو من مماليك محمد بك تولى الامارة والصنجقية بعد موت أستاذه وقد تقدم ذكره غير مرة وكان ذا دهاء ومكر ويتظاهر بالانتصار للحق وحب الاشراف والعلماء ويشتري المصاحف والكتب ويحب المسامرة والمذاكرة وسير المتقدمين ويواظب على الصلاة في الجماعة ويقضي حوائج السائلين والقاصدين بشهامة وصرامة وصدع للمعاند خصوصا إذا كان الحق بيده ويتعلل كثير بمرض البواسير وسمعت من لفظه رؤيا رآها قبل ورود الفرنسيس بنحو شهرين تدل على ذلك وعلى موته في حربهم ولما حصل ذلك وحضروا إلى بر انبابة عدى المترجم قبل بيومين وصار يقول انا بعت نفسي في سبيل الله فلما التقى الجمعان لبس سلاحه بعد ما توضأ وصلى ركعتين وركب في مماليكه وقال اللهم إني نويت الجهاد في سبيلك واقتحم مصاف الفرنساوية والقى نفسه في نارهم واستشهد في ذلك اليوم وهي منقبة اختص بها دون اقرانه بل ودون غيرهم من جميع أهل مصر ومات الأمير صالح بك أمير الحاج في تلك السنة وهو أيضا من مماليك محمد بك أبي الذهب وتولى زعامة مصر بعد إبراهيم بك الوالي وأحسن فيها السيرة ولم يتشك منه أحد ولم يتعرض لاحد بأذية وتقلد أيضا كتخدا الجاويشية عندما خرج إبراهيم بك مغاضبا لمراد بك وكان خصيصا به فلما اصطلحا ورجع إبراهيم بك وعلي آغا كتخدا الجاويشية
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»