عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٣
كتخدا الجاويشية فقال له حتى استخير في ذلك وحضر إلى المرحوم الشيخ الوالد وذكر له ذلك فأشار عليه بان يتقلد كتخدا الجاويشية فإنه منصب جليل واسع الايراد وليس على صاحبه تعب ولا مشقة غفر ولا سفر تجاريد ولا كثرة مصايف فكان كذلك وذلك في سنة ست وثمانين وسكن ببيت سليمان آغا كتخدا الجاويشية بدرب الجماميز على بركة الفيل ونما امره واتسع حاله واشتهر وانتظم في عداد الامراء ولم يزل على ذلك إلى أن مات محمد بك فاستقل بأمارة مصر إبراهيم بك ومراد بك فكان المترجم ثالثهما واتحد بإبراهيم بك اتحادا عظيما حتى كان إبراهيم بك لا يقدر على مفارقته ساعة زمانية وصار معه كالأخ الشقيق والصاحب الشفيق وصار في قبول ووجاهة عظيمة وكلمة نافذة في جميع الأمور ولم يزل على ذلك حتى حضر حسن باشا بالصورة المتقدمة وخرج إبراهيم بك ومراد بك وباقي الامراء فتخلف عنهم المترجم وقد كان راسل حسن باشا سرا فلما استقر حسن باشا اقبل عليه وسلمه مقاليد الأمور وقلده الصنجقية وأضاف اليه الدفتردارية وفوض اليه جميع الأمور الكلية والجزئية فانحصرت فيه رياسة مصر وصار عزيزها وأميرها ووزيرها وقائدها جيوشها ولا يتم امر الا عن مشورته ورأيه واجتمعت ببيته الدواوين وقلد الامريات والمناصب كما يختار وقرب وأدنى وابعد وأقصى من يختار واشتهر ذكره في إقليم مصر والشام والروم وأشار بتقليد مراد كاشف الصنجقية وامارة الحاج وسموه محمد بك المبدول كراهة في اسم مراد واشتهر بالمبدول ونجزله لوازم الحاج والصرة في أيام قليلة وسافر بالحاج على النسق المعتاد وشهل أيضا التجاريد والعساكر خلف الامراء المطرودين واستمر مطلق التصرف في مملكة مصر بقية السنة ولما استهل رمضان ارسل لجميع الامراء والأعيان البلكات والكساوي لهم ولحريمهم ومماليكهم بالاحمال وكذلك إلى العلماء والمشايخ حتى الفقهاء الخاملين المحتاجين وظن أن الوقت قد صفا له ولم يزل على ذلك
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»