عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٦٣٠
واشتد الكرب وضاق خناق الناس وتعطلت أسبابهم ووقع الصياح في أطراف الحارات من الحرامية والسراق والمناسر نهارا والاغا والوألي والمحتسب مقيمون بالقلعة لا يجسرون على النزول منها إلى المدينة وتوقع كل الناس نهب البلد من أوباشها وكل ذلك والمآكل موجودة والغلال معرمة كثيرة بالرقع ورخصت أسعارها والاخباز كثيرة وكذلك أنواع الكعك والفطير وأشيع وصول مراكب القبطان إلى شلقان ففرح الناس وطلعوا المنارات والاسطحة العالية ينظرون إلى البحر فلم يروا شيئا فأشتد الانتظار وزاغت الابصار فلما كان بعد العصر سمع صوت مدافع على بعد ومدافع ضربت من القلعة ففرحوا واستبشروا وحصل بعض الاطمئنان وصعدوا أيضا على المنارات فرأوا عدة مراكب ونقاير وصلت إلى قرب ساحل بولاق ففرح الناس وحصل فيهم ضجيج وكان مراد بك وجماعة من صناجقة وأمرائه قد ذهبوا إلى بولاق وشرعوا في عمل متاريس جهة السبتية واحضروا جملة مدافع على عجل وجمعوا الأخشاب وحطب الذرة وافرادا وغيرها فوردت مراكب الاروام قبل اتمامهم ذلك فتركوا العمل وركبوا في الوقت ورجعوا وضجت الناس وصرخت الصبيان وزغرتت النساء وكسروا عجل المدافع وفي هذا اليوم أرسل الامراء مكاتبة إلى المشايخ والوجاقات يتوسلون بهم في الصلح وانهم يتوبون ويعودون إلى الطاعة فقرئت تلك المكاتبات بحضرة الباشا فقال الباشا سبحان الله كم يتوبون ويعودون ولكن اكتبوا لهم جوابا معلقا على حضور قبطان باشا فكتبوه وأرسلوه وفي وقت العشاء من ليلة الاثنين وصل حسن باشا القبطان إلى ساحل بولاق وضربوا مدافع لقدومه واستبشر الناس وفرحوا وظنوا انه مهدى الزمان فبات في مراكبه إلى الصباح يوم الاثنين ثاني عشر شوال وطلع
(٦٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 625 626 627 628 629 630 631 632 633 634 635 ... » »»