عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٦٠٣
له شهرة زائدة مع الانجماع عن الناس لا يقوم لاحد ولا يدخل دار أحد وفيه الاستئناس وعنده فوائد يذاكر بها ويشتغل دائما بالمطالعة والمذاكرة واعتقده الخاص والعام ولما سافرنا إلى دمياط سنة تسع وثمانين وجزنا بالمنصورة وطلعناها ذهبنا إلى جامعها الكبير ودخلنا اليه في حجرته فوجدته جالسا على فراش عال بمفرده بجانب ضريح عمه وهو رجل نير بشوش فرحب بنا وفرح بقدومنا وأحضر لنا طبقا فيه قراقيش وكعك وشريك وخبز يابس ولبن وبوسطة دقة وجبن فأكلنا ما تيسر وسقانا قهوة في فنجان كبير وتحدث معنا ساعة ودعا لنا بخير وودعناه وسافرنا في الوقت ولم أره غير هذه المرة وهو انسان حسن جامع للفضائل توفي في السنة ولم يخلف بعده مثله ومات السيد الإمام العلامة الفقيه النبيه السيد مصطفى بن أحمد ابن محمد البنوفرى الحنفي أخذ الفقه عن والده وعن السيد محمد أبي السعود والشيخ محمد الدلجي والشيخ الزيادي وغيرهم وحضر المعقول على علماء العصر كالشيخ عيسى البراوى وغيره ودرس في محل والده بالقرب من رواق الشوام الا انه لم يكن له حظ في الطلبة فكان يأتي كل يوم الجامع ويجلس وحده ساعة ثم يقوم ويذهب إلى بيته بسويقة العزى وكان لا يعرف التصنع وفيه جذب ويعود المرضى كثير الأغنياء والفقراء توفي في السنة رحمه الله ومات العلامة المتقن والفهامة المتفنن أحد الاعلام الرواسخ وشيخ المشايخ الفقيه النحوي الأصولي المعقولي المنطقي ذو المعاني والبيان وحلال المشكلات باتقان الصالح لقانع الورع الزاهد الشيخ محمد ابن محمد بن محمد بن محمد بن مصطفى بن خاطر الفرماوى الأزهري الشافعي البهوتي نسبة إلى قبيلة البهتة جهة الشرق ولد بمصر رباه والده وحفظ القرآن والمتون وحضر على أشياخ العصر الملوى والجوهري والطحلاوى
(٦٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 598 599 600 601 602 603 604 605 606 607 608 ... » »»