وفي ثاني يوم اجتمعوا عند إبراهيم بك وقالوا له كيف يكون قدوم مراد بك ولعله لا يستقيم حاله معنا فقال لهم حتى يأتي فان استقام معنا فيها والا أكون انا وأنتم عليه فتحالفوا وتعاهدوا وأكدوا المواثيق فلما كان يوم الجمعة وصل مراد بك إلى غمازة فركب إبراهيم بك على حين غفلة وقت القائلة في جماعته وطائفته وخرج إلى ناحية البساتين ورجع من الليل وطلع إلى القلعة وملك الأبواب ومدرسة السلطان حسن والرميلة والصليبة والتبانة وأرسل إلى الأمراء الخمسة يأمرهم بالخروج من مصر وعين لهم أماكن يذهبون إليها فمنهم من يذهب إلى دمياط ومنهم من يذهب إلى المنصورة وفارسكور فامتنعوا من الخروج واتفقوا على الكرنكة والخلاف ثم لم يجدوا لهم خلاصا بسبب ان إبراهيم بك ملك القلعة وجهاتها ومراد بك واصل يوم تاريخه وصحبته السواد الأعظم من العساكر والعربان ثم إنهم ركبوا وخرجوا بجمعيتهم إلى ناحية القليوبية ووصل مراد بك لزيارة الإمام الشافعي فعندما بلغه خبر خروجهم ذهب من فوره من خلف القلعة ونزل على الصحراء واسرع في السير حتى وصل إلى قناطر أبي المنجا ونزل هناك وارسل خلفهم جماعة فلحقوهم عند شبرا شهاب وادركهم مراد بك والتطموا معهم فتقنطر مراد بك بفرسه فلحقوه واركبوه غيره فعند ذلك ولى راجعا وانجرح بينهم جماعة قلائل وأصيب سليمان بك برصاصة نفذت من كتفه ولم يمت ورجع مراد بك ومن معه إلى مصر على غير طائل وذهب الامراء الخمسة المذكورون وعدوا على وردان وكان بصحبتهم رجل من كبار العرب يقال له طرهونة يدلهم على الطريق الموصلة إلى جهة قبلي فسار بهم في طريق مقفرة ليس بها ماء ولا حشيش يوما وليلة حتى كادوا يهلكون من العطش وتأخر عنهم أناس من طوائفهم وانقطعوا عنهم شيئا فشيئا إلى أن وصلوا إلى ناحية سقارة فرأوا أنفسهم بالقرب من الأهرام فضاق خناقهم وظنوا الوقوع
(٥٧٨)