صدره من عدم مساعدة الوقت له وكان إذ ذاك محل تدريسه بالمشهد الحسيني وعزم عبد الرحمن كتخدا على هدمة وانشائه على هذه الصورة ورأي أن هذه البطالة تستمر أشهرا فوجد فرصة وتوجه إليها وقرأ دروسا في الحديث في عدة جوامع واشتهر هناك بالمحدث وأقبلت عليه الناس أفواجا للتلقي وأحبته الامراء وأرباب الدولة وصارت له هناك وجاهة الا انه كان في درسه ينتقل تارة إلى الرد العنيف على أرباب الأموال والأكابر وملوك الزمان وينسبهم إلى الجور والعدوان وانحرافهم عن الحق فوشي به الحاسدون فبرز الامر بخروجه من البلد وكان قد تزوج هناك فعاد إلى مصر فلما وصل إلى بولاق ذهب اليه جماعة من الفضلاء واستقبلوه واستقر في منزله وعاد إلى دروسه في المشهد وذلك سنة 1183 ولم يترك عادته المألوفة من اكرام الضيوف وبذل المعروف وكان لا يصبر على الجماع وعنده ثلاث نسوة شامية ومصرية ورومية وإذا خرج إلى الخلاء أو بعض المنتزهات أخذ صحبته من يريدها منهن ونصب لها خيمة وألف الاغتسال مدة اقامته يوما أو يومين أو أكثر واتفق له في آخر أمره انه ذهب عند محمد بك أبي الذهب وكان في ضائقة فحادثه الأمير على سبيل المباسطة وقال له كيف رأيت أهل إسلامبول فقال لم يبق بإسلامبول ولا بمصر خير ولا يكرمون الأشرار الخلق وأما أهل العلم والاشراف فإنهم يموتون جوعا ففهم الأمير تعريضه وامر له بمائة الف نصف فضة من الضربخانة فقضى منها بعض ديونه وأنفق باقيها على الفقراء وعاش بعدها أربعين يوما وتعلل بخراج أياما واحضروا له رجلا يهوديا فقصده بمشتر قيل إنه مسموم فكان سببا لموته وتوفي عصر يوم الأحد سادس شهر شعبان من السنة وجهز في صبح يوم الاثنين وصلى عليه بالأزهر في مشهد حافل ودفن بمقبرة باب النصر على أكمة هناك ولما أحضر له الناس من الأعيان
(٤١٩)