عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٤٠٢
فلما أصبح اعتقهم واطلقهم وأعطاهم دراهم وصرفهم مكرمين ونزلوا في مركب وحضروا إلى مصر وصحبتهم تلك العنز وذهبوا إلى المشهد النفيسي بتلك العنز وذكروا في تلك العنز غير ذلك من اختلاقهم وخورهم كقولهم انهم يوم كذا أصبحوا فوجدوها عند المقام أو فوق المنارة وسمعوها تتكلم أو ان السيدة تكلمت وأوصت عليها وسمع الشيخ المذكور كلامها من داخل القبر وابرزها للناس واجلسها بجانبه ويقول للناس ما يقوله من الكذب والخرافات التي يستجلب بها الدنيا وتسامع الناس بذلك فأقبل الرجال والنساء من كل فج لزيارة تلك العنزة وأتوا إليها بالندور والهدايا وعرفهم انها لا تأكل الا قلب اللوز والفستق وتشرب ماء الورد والسكر المكرر ونحو ذلك فأتوه بأصناف ذلك بالقناطير وعمل النساء للعنز القلائد الذهب والأطواق والحلي ونحو ذلك وافتتنوا بها وشاع خبرها في بيوت الامراء وأكابر النساء وارسلن على قدر مقامهن من النذور والهدايا وذهبن لزيارتها ومشاهدتها وازدحمن عليها فأرسل عبد الرحمن كتخدا إلى الشيخ عبد اللطيف المذكور والتمس منه حضوره اليه بتلك العنز ليتبرك بها هو وحريمه فركب المذكور بغلته وتلك العنز في حجره ومعه طبول وزمور وبيارق ومشايخ وحوله الجسم الغفير من الناس ودخل بها بيت الأمير المذكور على تلك الصورة وصعد بها إلى مجلسه وعنده الكثير من الامراء والأعيان فزارها وتملس بها ثم أمر بادخالها إلى الحريم ليتبركن بها وقد كان أوصى الكلارجي قبل حضوره بذبحها وطبخها فلما أخذوها ليذهبوا بها إلى جهة الحريم ادخلوها إلى المطبخ وذبحوها وطبخها قيمة وحضر الغداء وتلك العنز في ضمنه فوضعوها بين أيديهم واكلوا منها والشيخ عبد اللطيف كذلك صار يأكل منها والكتخدا يقول كل يا شيخ عبد اللطيف من هذا للرميس السيمن فيأكل منها ويقول والله انه طيب ومستو ونفيس وهو لا يعلم
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»