عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٢٩٠
أوضاعهم وطرائقهم انهم لا يتزوجون الامن بعضهم البعض ولا تخرج من بيتهم امرأة الا للمقبرة فإذا عملوا عرسا اولموا الولائم وأطعموا الفقراء والقراء على نسق اعتادوه وتنزل العروس من حريم أبيها إلى مكان زوجها بالنساء الخلص والمغاني والجنك تزفها ليلا بالشموع وباب البيت مغلوق عليهن وذلك عندما يكون الرجال في صلاة العشاء بالمسجد الازبكي المقابل لسكنهم وبيتهم يشتمل على اثني عشر مسكنا كل مسكن بيت متسع على حدته وكان الامراء بمصر يترددون إليهم كثيرا من غير سبق دعوة وكان رضوان كتخدا يتفسح عند المترجم في كثير من الأوقات مع الكمال والاحتشام ولا يصحبة في ذلك المجلس الا اللطفاء من ندمائه وإذا قصده الشعراء بمدح لا يأتونه في الغالب الا في مجلسه لينالوا فضيلتين ويحرزوا جائزتين وكان من سنتهم انهم يجعلون عليهم كبيرا منهم وتحت يده الكاتب والمستوفي والجابي فيجمع لديه جميع الايراد من الالتزام والعقار والجامكية ويسدد الميري ويصرف لكل انسان راتبه على قدر حاله وقانون استحقاقه وكذلك لوازم الكساوي للرجال والنساء في الشتاء والصيف ومصروف الجيب في كل شهر وعند تمام السنة يعمل الحساب ويجمع ما فضل عنده من المال ويقسمه على كل فرد بقدر استحقاقه وطبقته واستمروا على هذا الرسم والترتيب مدة مديدة فلما مات كبارهم وقع بينهم الاختلاف واقتسوا الايراد واختص كل فرد منهم بنصيبه يفعل به ما يشتهي وتفرق الجمع وقلت البركة وانعزل المحبون وصار كل حزب بما لديهم فرحون وكان مسك ختامهم صديقنا واخانا في الله اللوذعي الاريب والنادرة المفرد النجيب سيدي إبراهيم بن محمد بن الدادة الشرايبي الغزالي كان رحمه الله تعالى ملكي الصفات بسام الثنايات عذب المورد رحيب النادي واسع الصدر للحاضر والبادي قطعنا معه أوقاتا كانت لعين الدهر قرة وعلى
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»