عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٢٤
الجمال بدماثة شمائله وحميد طرائقه وقال عمرو بن العاص المرء حيث يجعل نفسه ان رفعها ارتفعت وان وضعها اتضعت وقال بعض الحكماء النفس عزوف ونفور ألوف متى ردعتها ارتدعت ومتى حملتها حملت وان أصلحتها صلحت وان أفسدتها فسدت وقال الشاعر * وما النفس الا حيث يجعلها الفتى * فان أطعمت تاقت والا تسلت * وقالوا من فاته حسب نفسه لم ينفعه حسب أبيه والمنهج القويم الموصل إلى الثناء الجميل ان يستعمل الانسان فكرة وتميزه فيما ينتج عن الاخلاق المحمودة والمذمومة منه ومن غيره فيأخذ نفسه بما استحسن منها واستملح ويصرفها عما استهجن منها واستقبح فقد قيل كفاك تأديبا ترك ما كرهه الناس من غيرك اللهم بحرمة سيد الأنام يسر لنا حسن الختام واصرف عنا سوء القضاء وانظر لنا بعين الرضاء وهذا أوان انشقاق كمائم طلع الشماريخ عن زهر مجمل التاريخ أول خليفة في الأرض أول خليفة جعل في الأرض آدم عليه الصلاة والسلام بمصداق قوله تعالى * (إني جاعل في الأرض خليفة) * ثم توالت الرسل بعده لكنها لم تكن عامة الرسالة بل كل رسول ارسل إلى فرقة فهؤلاء الرسل عليهم السلام مقررون شرائع الله بين عباده وملزموهم بتوحيد وامتثال أوامره ونواهيه ليترتب على ذلك انتظام أمور معاشهم في الدنيا وفوزهم بالنعيم السرمدي إذا امتثلوا في الأخرى إلى أن جاء ختامهم الرسول الأكرم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ارسله الله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله وأمره بالصدع والاعلان والتطهير من عبادة الأوثان وآمن به من آمن من الصحابة رضوان الله عليهم وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزي معه أولئك هم المفلحون ولم يزل هذا الدين القويم من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم يزيد وينمو ويتعالى ويسمو حتى تم ميقاته وقربت من
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»