الامر في ذلك حسن القابلية وأن تكون مرآة غير صدية كما قيل * إذا كان الطباع طباع سوء * فليس بنافع أدب الأديب * وقيل إن الاخلاق وان كانت غريزية فإنه يمكن تطبعها بالرياضة والتدريب والعادة والفرق بين الطبع والتطبع ان الطبع جاذب مفتعل والتطبع مجذوب منفعل تتفق نتايجهما مع التكلف ويفترق تأثيرهما مع الاسترسال وقد يكون في الناس من لا يقبل طبعه العادة الحسنة ولا الاخلاق الجميلة ونفسه مع ذلك تتشوق إلى المنقبة وتتأنف من المثلبة لكن سلطان طبعه يأبى عليه ويستعصي عن تكليف ما ندب اليه يختار العطل منها على التحلي ويستبدل الحزن على فواتها بالتسلي فلا ينفعه التأنيب ولا يردعه التأديب وسبب ذلك ما قرره المتكلمون في الاخلاق من أن الطبع المطبوع أملك للنفس التي هي محله لاستيطانه إياها وكثرة اعانته لها واما الذي يجمع الفضائل والرذائل فهو الذي تكون نفسه الناطقة متوسطة الحال بين اللؤم والكرم وقد تكتسب الاخلاق من معاشرة الاخلاء اما بالصلاح أو بالفساد فرب طبع كريم أفسدته معاشرة الأشرار وطبع لئيم اصلحته مصاحبة الأخيار وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل وقال علي رضي الله عنه لولده الحسن الأخ رقعة في ثوبك فانظر بمن ترقعه وقال بعض الحكماء في وصيته لولده يا بني احذر مقارنة ذوي الطباع المزدولة لئلا تسرق طباعهم وأنت لا تشعر واما إذا كان الخليل كريم الاخلاق شريف الاعراق حسن السيرة طاهر السريرة فبه في محاسن الشيم يقتدي وبنجم رشده في طريق المكارم يهتدي وإذا كان سئ الاعمال خبيث الأقوال كان المغتبط به كذلك ومع هذا فواجب على العاقل اللبيب والفطن الاريب ان يجهد نفسه حتى يحوز الكمال بتهذيب خلائقه ويكتسي حلل
(٢٣)