فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
* وإن ذاقها المعشوق وافاك خلسة * من الحاسد الواشي على غير موعد * * ومن فضلها في الطب جودة هضمها * وهيهات يحصى فضلها لمعدد * * ولا سيما إن كان فيها منادمي * غزال كغصن البانة المتأود * * ينادم بالشعر اللطيف وتارة * يغني فيزري بالحمام المغرد * * يغازلني سرا بعيني غزالة * ويبسم عن ثغر كدر منضد * * فلا تستمع فيها مقالة عاذل * يصدك عنها واعص كل مفند * وقال أيضا يفضل الخمر على الحشيش * فديتك نور الحق قد لاح فاهتد * نديم وكن في اللهو غير مقلد * * أترضى بأن تمسي شبيه بهيمة * بأكل حشيش يابس غير أرغد * * فدع رأى قوم كالدواب ولا تدر * سوى درة كالكواكب المتوقد * * مدام إذا ما لاح للركب نورها * وقد ضل ليلا عاد بالنور يهتدي * * حشيشتهم تكسو المهيب مهانة * فتلقاه مثل القاتل المتعمد * * ويبدو على خديه مثل اخضرارها * فيضحي بوجه مظلم اللون أربد * * وتفسد من ذهن النديم خياله * فينظر مبيض الصباح كأسود * * وخمرتنا تكسو الذليل مهابة * وعزا فتلقي دونه كل سيد * * وتجلى فتجلو هم كل منادم * ويروي بها من شربها قلبه الصدى * * وتبدو فيبدو سره وتسره * فيشبهها لونا بخد مورد * * وفيها على رغم الحشيش منافع * فقل في معانيها وصفها وعدد * * وفي غيرها للناس كل مضرة * فحدث بكل السوء عن وصفها الردى * * وحقك ما ذاق الحشيش خليفة * ولا ملك فاق الأنام بسؤدد * * ولا جد في وصف لها قط شاعر * بتنميق ألفاظ كألحان معبد * * ولم تضرب الأوتار في مجلس لها * وما ذاك إلا للشراب المورد * * أتخضب من غير المدامة راحة * إذا ما بدت في الكأس تجلى على اليد * * بها ينثني المعشوق نشوان مائلا * بقد كغصن البانة المتأود * * يعاطيك راحا مثلها في رضابه * ومبسمه مثل الحباب المنضد * * وينعم بالوصل الذي كان باخلا * به ثم ينسى كل ما كان في الغد * * أعن مثلها يا صاح يصبر عاقل * لقد كنت في تركي لها غير مهتدي *
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»