ودخل يونس يوما إلى المسجد وهو يتهادى بين اثنين من الكبر فقال له رجل كان يتهم مودته بلغت ما أرى يا أبا عبد الرحمن فقال هو الذي ترى لا بلغته قلت أخذ هذا المعنى محمد بن عبد الملك الزيات فقال (من البسيط) * وعائب عابني بشيب * لم يأل لما ألم وقته * * فقلت إذ عابني سفاها * يا عائب الشيب لا بلغته * وقال أبو الخطاب زياد بن يحبى مثل يونس كمثل كوز ضيق الرأس لا يدخله شيء إلا بعسر فإذا دخله لم يخرج منه شيء يعني أنه لا ينسى شيئا وحدث التاريخي عن ابن الأعلم محمد بن سلام قال سمعت يونس النحوي يقول رحم الله عثمان ولا رحم الله من لا يترحم عليه والله لقد استعمل عمالا لو استعملهم أبو جعفر كان قد أساء ورحمن الله عليا ولا رحم من لا يترحم عليه قالوا له ادفع لنا قتلة عثمان والأمر أمرك قال كل هؤلاء قاتل له فأيهم أدفع إليكم ثم أتى أهل النهر فقال اقتدوا بعبد الله بن خباب قالوا كنا قتله فقال الآن طاب القتال أفطاب القتال في قتل ابن خباب ولا يطيب في قتل عثمان قال وحدثني هارون بن محمد بن عبد الملك حدثنا أبو زيد النميري يعني عمر بن شبة حدثنا خلاد بن يزيد الأرقط قال قال يونس النحوي كنت أحب أن أدخل الجنة فأنظر فيها أربعة نفر قال فقلت له من هم قال آدم ويوسف وطلحة والزبير قال قلت له كيف ذاك قال كنت أقول لآدم يا هذا رحمك الله كيف أدخلك الله الجنة وأباحك من كل شيء فيها ونهاك عن أكل شجرة واحدة فتعديت أمره فأكلت من الشجرة حتى ألزمتنا هذا الشقاء كله وأقول ليوسف بن يعقوب رحمك الله قد علمت ما كان من وجد أبيك عليك وطول غيبتك عنه وأنت ملك مصر وإنما كان بينك وبينه مسافة عشر مراحل ما منعك أن توجه إلى أبيك رسولا يعلمه بخبرك وقصتك وأقول لطلحة والزبير ما بالكما أعطيتما عليا بيعتكما وصفقة أيمانكما ثم غدرتما به ونكثتما بيعتكما وصفقة أيمانكما من غير ما جرم ولا جناية ولا سبب أحوجكما إلى ذلك وعن الفضل بن محمد اليزيدي عن محمد بن سلام قال سمعت يونس النحوي يقول عذيري من عائشة في قولها في شعر لبيد (من الكامل) * ذهب الذين يعاش في أكنافهم * وبقيت في خلف كجلد الأجرب * حين قالت كيف بلبيد لو أدرك زماننا هذا وقد نشأت في حجر أم رومان وأي قحافة حتى إذا صارت زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين ابنة الصديق يعطيها معاوية في
(١٧٨)