الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٢ - الصفحة ١٤٤
ومنه * لما غدوت مليك الأرض أفضل من * جلت مفاخره عن كل إطراء * * تغايرت أدوات النطق فيك على * ما يصنع الناس من نظم وإنشاء * وهذان البيتان لابن الصيرفي غير قافيتهما إلى ثمانية وعشرين قافية على عدد حروف المعجم ونقلت أنا من خطه ما صورته تضمن كتاب الوزراء لابن عبدوس أن فتى حديث السن قدم على عمرو بن مسعدة متوسلا إليه بالبلاغة فامتحنه بأن رمى إليه كتاب صاحب البريد في بعض النواحي يخبر فيه أن بقرة ولدت غلاما وقال له اكتب في هذا المعنى فكتب الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام فلما رأى ذلك عمرو غار على صناعته) ومحله فجذبه من يده وأحسن إليه ورده إلى بلده وما علمت أحدا كمل الباب وتمممه فعمدت إلى هذا الابتداء فأنشأت عليه ما يقرأ على الناس وهو الحمد لله خالق الأنام في بطون الأنعام ومصورهم بحكمته فيما يشاء من الأرحام ومخرج الناطق من الصامت مع اختلاف الأشكال وتباين الأجسام إبانة على ماهر آيته فيما ابتدع وإظهارا لما استحال في العادات وامتنع ليدل على أن قدرته أبعد غاية مما يتخيله الفكر ويتوهمه وأن مصنوعاته شواهد وحدانيته لمن يتبين معجزها ويتفهمه يحمده أمير المؤمنين على ما اختص به أيامه من بدائع مخلوقاته ويشكره على غرائب صنعه التي أصبحت من دلائل فضله وعلاماته إذ كان جل وعلا قد جعل آياته موقوفة على أزمنة أصفيائه ومعجزاته مقصورة على عصور أنبيائه وأوليائه على أن لديه من خليله وفتاه وصفيه الذي أوجه السعد نحوه وأتاه السيد الأجل الأفضل الذي اكتسى الدين بنصرته ثوب الشباب والبهجة واقترنت المبالغة في صفاته بقول الحق وصدق اللهجة ملكا غدا الزمان جذلا بدولته ومغتبطا وسيدا ارتفع أن يأتي المكارم إلا مخترعا لها مستنبطا وسلطانا يفعل الحسن عذرا ويتنزه أن يفعلها عوانا وهماما يتأنس في العزمات بنفسه فلا يستنجد أنصارا فيها ولا أعوانا لا جرم أن أمير المؤمنين يرفل من تدبيره في ملابس العز الفاخرة ويتحقق أن النعمة به في الدنيا برهان على ما أعد له في الدار الآخرة ويرغب إليه في الصلاة على جده محمد سيد ولد آدم وأشرف من تأخر وقته وتقادم والمبعوث بشيرا ونذيرا إلى كافة البشر
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»