رواية إلا أخذها وتوجه إلى خراسان وغاب سنتين أو ثلاثة وعاد فأقام مديدة ثم غاب الغيبة التي خرج فيها وورد كتابه من البصرة بما صار إليه ومعه مال فلم أقبله لما صح عندي من أمره وقال علي صاحب الزنج اعتللت علة غليظة وأنا صغير فجاء أبي يعودني فوجد أمي قاعدة عند رأسي فقلت له إنه يموت فقال إذا مات هذا من يخرب البصرة قال فما زال في قلبي ذلك إلى أن خرجت بها وكان بسر من رأى وتصرف في أشغال الديوان وقال الشعر واستماح به ثم حدث في نفسه الكفر والخبث ودعوى الإمامة وعلم الغيب والخروج على الأئمة وضرب الناس بعضهم بعض فقدم البصرة سنة تسع وأربعين ومائتين وأقام بهجر ودعا إلى طاعته فمال إليه عميد هجر وخلق من البحرين وباينه قوم وسفكت بينهم الدماء فانتقل إلى الأحساء فأطاعه أهلها حتى كانوا لا يدعون شيئا من فضلاته يسقط إلى الأرض ويأخذونه تبركا به وكثر أتباعه وجبي له الخراج ونفذ حكمه ودافع الولاة وجرت بينهم وقائع فخاف أهل البحرين وخرج إلى البادية بأهله ومن تبعه وجال في البادية واستغوى من لقبه من الأعراب وأوهمهم أنه يعلم منطق الطير فأغار بمن تابعه على فرضة من فرض البحرين فنهبها وأخذ أموالها وخربها ثم قوتل فنبت به البادية فهرب إلى البصرة فيمن تبعه سنة أربع وخمسين ومائتين فدعا هو وأصحابه الناس إليه فثار الجند عليهم فهرب وقبض على بعض شيعته وعلى ابنه الأكبر وأمه وابنته فحبسوا فصار إلى مدينة السلام وأقام بها حولا يستغوي الناس من الحاكة والأراذل ومات والي البصرة وفتحت الحبوس فخلص أهله فرجع إلى البصرة واستولى على غلمان الناس من الزنوج يبذل لهم الأموال ويطمعهم من النهب حتى أتاه منهم خلق كثير وعمد إلى حريرة فكتب فيها بالأحمر والأخضر إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة إلى آخر الآية وكتب اسمه واسم أبيه وعلقها في رأس بردي وخرج في السحر ليلة السبت لليلتين بقيتا من شهر رمضان سنة خمس وخمسين ومائتين فاجتمع عليه ألفا عبد من الزنج فقام خطيبا ووعدهم أن يقودهم ويملكهم الأموال ولما كان يوم العيد نصب اللواء وصلى بهم وخطب خطبة ذكرهم ما كانوا فيه من سوء الحال وإن الله أنقذهم به ثم إنه قود قوادا ورتب أصحابه ولم يزل ينهب ويقتل وكلمن قاتله يستظهر عليه حتى تفحل أمره) وغنم خيلا وسلاحا وكان كلمن يأتيه ويكسره يتحيز إليه ولم يزل يستولي على نواحي البصرة إلى أن وافى البصرة رابع عشر ذي القعدة سنة خمس وخمسين وجمع له أهل البصرة ووقع القتال بينهم فهزمهم وقتل خلقا كثيرا فوقع له
(٢٦٩)