الله أراد الثمان ماية فوزن الصيرفي للمرأة ثمان ماية وثمانين حكى لي هذه غير واحد وقيل لي إنه كان له صيرفي يستدعي منه ما يريد صرفه لمن سأله شيئا وإن الصيرفي أحضر إليه مرة وصولات عديدة ليست بخطه فأنكرها فقال الصيرفي هذا في كل وقت يحضر إلي مثل هذه الوصولات فقال إذا جاء أمسكه وأحضره فلما جاءه على العادة أمسكه وأحضره إلى بابه فقيل له إن الصيرفي وقع بالمزور فقال سيبوه ما لي وجه أراه ثم قال أحضروه فلما مثل بين يديه قال له ما حملك على هذا قال الحاجة فقال له كلما احتجت إلى شيء اكتب به خطك على عادتك لهذا الصيرفي ولكن ارفق فإن علينا كلفا كثيرة وقال الصيرفي كلما جاء إليك خطه بشيء فأصرفه ولا تشاور عليه وحكي لي أنه قبل إمساكه ضيع بعض بابية مماليك بكتمر الساقي حياصة ذهب فقال صاحبها للأمير فقال الأمير إن لم يحضر الحياصة وإلا روحوا به إلى الوالي ليقطع يده فنزلوا بذلك البابي فوجد القاضي كريم الدين آخر النهار طالع) القلعة فوقف له وشكاه حاله فقال أخروا أمره إلى غد ولما نزل إلى داره قال لعبده خذ معك غدا حياصة ذهب لتعطيها لذلك البابي المسكين فلما أصبح وطلع القلعة أمسك واشتغل الناس بأمره ونسي أمر البابي ولما تفرغ الناس طلب البابي وجهز إلى الوالي فقال له رفقاه ما كان القاضي كريم الدين قد وعدك روح إليه فقال يا قوم إنسان قد أمسك وصودر أروح إليه فقالوا له روح إليه وكان قد أمر له بالمقام في القرافة فلما دخل إليه شكا إليه حاله فقال يا ابني جئت إلي وأنا في هذه الحال ثم رفع المقعد من تحته وقال له خذ هذه الدراهم استعن بها وكانت قريب الألفين فلما أخذها وخرج قال لذلك العبد ما كنت أعطيتك حياصة لهذا البابي فقال نعم وهذه معي فقال هاتها فأخذها وطلب البابي ودفعها إليه وقال هذه الحياصة أعطهم إياها والدراهم أنفقها فطلع بالحياصة وأعطاها للملوك فدخل بها إلى الأمير سيف الدين بكتمر فقال له قل أمر هذه الحياصة كيف فحكى له ما جرى له مع كريم الدين فقيل إن بكتمر الساقي لطم وجهه وقال يا مسلمين مثل هذا يمسك لأنه ما أمسك إلا بغير رضاه حكى لي القاضي شهاب الدين ابن فضل الله أنه بلغه أن القاضي علاء الدين ابن عبد الظاهر والقاضي نجم الدين ابن الأثير قعدا يوما على باب القلة وأجري ذكر كريم الدين ومكارمه فقال علاء الدين ما مكارمه إلا لمن يخافه فهو يصانع بذلك عن نفسه فما كان بعد يومين أو ثلاث حتى احتاج نجم الدين ابن الأثير إلى رصاص يستعمله في قدور حمام فكتب ورقة إلى كريم الدين يسأل بيع جملة من الرصاص بديوان الخاص فحمل إليه جملة كبيرة فضل له عما احتاج إليه ثلاثون قنطارا ولم يأخذ عن ذاك ثمنا وأما علاء الدين فإنه تركه يوما وهو في بستانه وانحدر إليه في البحر فلم يشعر به إلا وقد أرست حراقته على زريبة
(٦٨)