جندل ضرب بيساره إلى معرفة بغلته وقال له إن قولك يسمع وإنك تفضل علي الفرزدق تفضيلا قبيحا وأنا أمدح قومك وهو يهجوهم وهو ابن عمي وليس منك ولا عليك كلفة في أمري معه وقد يكفيك من ذلك هين إذا ذكرنا أن تقول كلاهما شاعر ولا تحتمل منه لائمة ولا مني فسكت لا يحير قولا حتى لحق ابنه جندل فضرب كفل بغلته وقال أراك واقفا مع كلب من كليب كأنك تخشى منه شرا أو ترجو منه خيرا وضرب البغلة ضربا شديدا فزحم جريرا ووقع منها قلنسوته فأخذ قلنسوته وقال * أجندل ما تقول بنو نمير * إذا ما الأير في أست أبيك غابا * وانصرف جرير مغضبا فلما كان العشاء صلى وكان منزله في علية فقال ارفعوا لي باطية من نبيذ وأسرجوا لي ففعلوا فجعل يهينم فما زال حتى إذا كان السحر فإذا بها ثمانين بيتا ولما بلغ إلى قومه * فغض الطرف إنك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا *) وثب وثبة دق رأسه السقف وقال أخزيته والله فضحته والله غضضته ثم أتى مجلسهم وهو راكب حصانه فأنشدها فلما فرغ منها قال لأصحابه ركابكم ركابكم فضحكم جرير فليس لكم هنا مقام فقالوا له شؤمك وشؤم ابنك جندل فحلفوا أنهم لما وصلوا إلى أهلهم وجدوا قول جرير قد سبقهم إليهم فتشاءم بهما بنو نمير وسبوهما ابن عبدوس قاضي قرطبة أحمد بن عبد الله 3 (أبو محمد المغربي)) عبيديس ذكره حرقوص في كتابه فقال هو مطبوع مجود سهل الشعر وهو فيما ذكر لنا من أسرع الناس قولا وأعجبهم بديهة يستغني بالبديهة عن الروية قال له يوما ابن سودال وهو صحبة القائد أبي العباس في بعض غزواته لما انصرفوا أبا محمد عفا الله عنك أنت منصرف إلى موضعك ونحن ضيوفك فأتحفنا ببعض طرائف حصنك ولا تنسنا من هدايا موضعك فلما انصرف إلى حصنه كتب إلى ابن سودال وفيه * بعثت إذا خرجت من مالي * وصرت في فقر وإقلال *
(٢٨٤)