الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٩ - الصفحة ٢٨٠
فيه فقال ما خلق الله بعد داود النبي أحسن صوتا من ابن سريج ولا صاغ الله أحدا أحذق بالغناء منه) ويدلك على ذلك أن معبدا كان إذا أعجبه غناؤه قال أنا اليوم سريجي وكان ابن سريج يناوئ الغريض ويضاده وكان ببعض أطراف مكة دار يأتيانها في كل جمعة ويجتمع لهما الناس فيوضع لكل منهما كرسي يجلس عليه ثم يتناقضان الغناء ويترادانه فلما رأى ابن سريج موقع الغريض وغنائه من الناس لقربه من النواح وشبهه به مال إلى الأرمال والأهزاج فاستخفها الناس فقال له الغريض يا أبا يحيى قصرت الغناء وحذفته وأفسدته قال نعم يا مخنث حين جعلت تنوح على أبيك وأمك ألي تقول هذا والله لأغنين غناء ما غنى أحد أثقل منه ولا أجود ثم غنى قال مالك ابن أبي السمح سألت ابن سريج عن قول الناس فلان يخطئ وفلان يصيب وفلان يحسن وفلان يسيء فقال المصيب المحسن من المغنين هو الذي يشبع الألحان ويملأ الأنفاس ويعدل الأوزان ويفخم الألفاظ ويعرف الصواب ويقيم الإعراب ويستوفي النغم الطوال ويحسن مقاطع النغم القصار ويصيب أجناس الإيقاع ويختلس مواضع النبرات ويستوفي ما يشاكلها في الضرب من النقرات فعرضت ما قال على معبد فقال لو جاء في الغناء قرآن ما جاء إلا هكذا 3 (الأبجر)) عبيد بن قاسم أبو طالب الأبجر المغني مولى كنانة وقيل بني الليث لم يكن بمكة أظرف ولا أشجى ولا أحسن هيئة من الأبجر كانت حلته بمائة دينار وفرسه بماية دينار ومركبه بماية دينار وكان يقف بين المأزمين ويغني فيقف الناس له يركب بعضهم بعضا قيل إنه جلس في ليلة السابع من أيام الحج على قريب من التنعيم فإذا عسكر جرار قد أقبل في آخر الليل وفيه دواب تجنب وفيها فرس أدهم عليه سرج حلية من ذهب فتغنى الأبجر * عرفت ديار الحي خالية قفرا * كأن بها لما توهمتها سطرا * * وقفت بها كي ما ترد جوابنا * فما بينت لي الدار عن أهلها خبرا * فلما سمعه من في القباب والمحامل أمسكوا وصاح صائح ويحك أعد الصوت فقال لا والله إلا بالفرس الأدهم بسرجه ولجامه وأربع ماية دينار وإذا الوليد بن يزيد صاحب الإبل قد أرسل إليه بالفرس بعدته وأربع ماية دينار وتخت ثياب وشي وغير ذلك وراح مع الوليد إلى الشام ولم يزل عنده إلى أن قتل ثم إن الأبجر خرج إلى مصر فمات بها 3 (العجل الحافظ)) ) عبيد العجل الحافظ أبو علي البغدادي روى عن داود بن
(٢٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 ... » »»