ومن قصيدة يمدح فيها الأشرف * فضحت الحيا والبحر جودا فقد بكى ال * حيا من حياء منك والتطم البحر * * عيون معانيها صحاح وأعين الملا * ح مراض في لواحظها كسر * * هي السحر فأعجب لامرئ جاء يبتغي * عواطف من موسى وصنعته السحر * قال زكي الدين ابن أبي الأصبغ وقع في هذا البيت ستة عشر ضربا من البديع اتفقت فيه الاستعارة في عشر في افتضاح الحيا وبكائه وحيائه والمبالغة إذ جعلت الممدوح يفضح الحيا والبحر بجوده والتفسير في قولي جودا وقولي من حياء منك والإغراق لما في جملة القافية من زيادة المبالغة والترشيح بذكر الاستعادة الأولى للاستعارة الثانية والتجنيس بين الحيا والحيا والتورية في قولي والتطم البحر والترشيح للتورية بذكر البكاء فإن ذكره هو الذي رشح التورية وصحة التقسيم في حصر القسمين اللذين يضرب بهما المثل في الجودة ولا ثالث لهما والتصدير في كون البحر مذكورا في صدر البيت وهو قافيته والتعليل في كون العلة في بكاء الحيا والتطام البحر فضيحتهما بجوده والتسهيم في كون صدر البيت يقتضي) العجز ويدل عليه وحسن النسق في كون جمل البيت عطف بعضها على بعض أصح ترتيب والإرداف لأني عبرت عن نهاية جوده بفضوح الحيا والبحر والتمثيل في كوني عبرت عن عظم الجود ببكاء الحيا من الحيا والتطام البحر فهذا ما في تفاصيل البيت وأما ما في جمله فالمساواة لكون لفظه قالبا لمعناه وائتلاف لفظه مع معناه في كون ألفاظ البيت متلائمة مختارة لا يصلح موضع كل لفظة غيرها ولم يحصل فيه من تعقيد السبك والتقديم والتأخير وسوء الجوار ما يوجب له الاستثقال والإيداع لكون كل لفظة من مفرداته تتضمن نوعا أو نوعين من البديع ومن شعر ابن أبي الإصبع * من يذم الدنيا بظلم فإني * بطريق الإنصاف أثني عليها * * وعظتنا بكل شيء لو أنا * حين جدت بالوعظ من مصطفيها * * وأرتنا الوجهين منها فهمنا * للهوى بالفتان من وجهيها * * نصحتنا فلم نر النصح نصحا * حين أبدت لأهلها ما ليدها * * أعلمتنا أم المال يقينا * للبلى حين جددت عصريها *
(٦)