الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٨ - الصفحة ٣٨
وفيهم الشيوخ وأنهم لما أبعدوا بعد عشرة أيام دخلوه الحمام ليزيل وعثاء السفر فدخلوا في خدمته وأحضروا له قيما فأخذ القيم يحك رجليه ويسألهم عن وطنهم لما استغربهم فقالوا له من فلانة فقال لهم من البلد التي ظهر فيها الزنديق ابن سبعين فأومأ إليهم أن لا يتكلموا وقال هو نعم فأخذ يسبه ويلعنه كثيرا وهو يقول له استقص في الحك وذاك القيم يزيد في اللعن والذم وهو لا يزيده إلا استقص إلى أن فاض أحدهم غيظا وقال له ويلك هذا الذي تسبه قد جعلك الله تحك رجليه وأنت في خدمته أقل لغلام يكون فسكت خجلا وقال استغفر الله ويحكون عنه أشياء من الرياضة وكلامه مفحل محشو بقواعد الفلاسفة وله كتاب البد يعني أنه لا بد للعارف منه وكتاب الإحاطة ومجلدة صغيرة في الجوهر وغير ذلك وله عدة رسائل بليغة المعنى فصيحة الألفاظ جيدة منها رسالة العهد وهي 3 (رسالة العهد)) يا هذا هل عمرك إلا كلمح أو إعطاء مكد لا سمح وآصالك لهو وعلل وأسحارك سهو وعلل وما سر ورد أو صدر إلا وساء كدر والغرض بحول الله تعالى في تحصيل الكمالات وأسبابها والتجوهر بمدلولات الإمكانات الإلهية وبما يجب كما يجب على ما يجب في الوقت الذي يجب والاتصاف بالحكمة التي تفيد الصورة المتممة للسعيد وبالحقيقة التي تقيمه في الصورة المقومة وتعمل على نيل الآلات التي تعطي الحق بحسب ما تعطيه وتقتضيه طبيعة البرهان وتحكم الشارع عليه السلام على جملتك وتمتثل أوامره وتعتقد أنه الخير بالذات وتصل حبل المعروف وجميع ما استحسنه العقل وحرره النقل وحضت عليه الشرائع وتتخلا عن كل قاطع يقطعك عن الله تعالى بعد ما تتصف بالعلوم الضرورية التي لا يحملها أحد عن أحد في عرف الشريعة وبالأعمال التي تلزم لزوم هذه العلوم وبالعلوم التي تدخل بها في زمرة الحكماء وبالحقيقة الجامعة التي فيها نتيجة الشرائع وغاية الحكمة وهي علوم التحقيق وإن) غلبت عليك شهوة حيوانية وما أشبه ذلك أجبر وقتك مع الله تعالى بتوبة صادقة فإن بابه ما عليه بواب إلا رحمته خاصة ورضوانه يأمرها بالمضمار واعلم أن مطالك مطال ومحالك محال والواصل رحمه مهما دعا الله تعالى رحمه والعلم للعلو علامة والسلم للعدو سلامة والصلح مع جملتك صلاح والدعاء بالإخلاص سلاح وإياك من العمل المهدوم والأمل المعدوم ومن الأمور التي تفسد حكمة العادة
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»