الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٥ - الصفحة ٢٢٥
العبادة والزهد والتقشف وكان يسف الخوص ويأكل من كسبه وكان يدعو الناس إلى إمام أهل البيت وأقام على ذلك مدة فاستجاب له خلق كثير وجرت له أحوال أوجبت حسن العقيدة فيه وانتشر بسواد الكوفة ذكره ثم قال في سنة ست وثمانين ومائتين وفي هذه السنة ظهر رجل يعرف) بأبي سعيد الحسن الجنابي بالبحرين واجتمع إليه جماعة من الأعراب والقرامطة وقوي أمره وقتل من حوله وقد تقدم ذكره في حرف الحاء في الحسن وأن غلامه الصقلبي قتله سنة إحدى وثلاث مائة وقام بعده أبو طاهر ابنه وفي سنة إحدى عشرة وثلاث مائة في شهر ربيع الآخر قصد أبو طاهر البصرة وملكها بغير قتال بل صعدوا إليها بسلالم شعر فلما أحسوا بهم ثاروا إليهم فقتلوا وإلى البلد ووضعوا السيف في الناس فهربوا منهم وأقام أيو طاهر سبعة عشر يوما تحمل إليه الأموال منهم ثم عاد إلى بلده ولم يزل يعيث في البلاد ويكثر فيها الفساد من القتل والسبي والحريق والنهب إلى سنة سبع عشرة فحج الناس وسلموا في طريقهم ثم إن أبا طاهر وافاهم بمكة يوم التروية فنهب أموال الحاج وقتلهم حتى في المسجد الحرام وفي البيت نفسه وقلع الحجر الأسود وأنفذه إلى هجر فخرج إليه أمير مكة في جماعة من الأشراف فقاتلوه فقتلهم أجمعين وقلع باب الكعبة وأصعد رجلا ليقلع الميزاب فسقط فمات وطرح القتلى في بئر زمزم ودفن الباقين في المسجد الحرام من غير كفن ولا غسيل ولا صلاة على أحدهم وأخذ كسوة البيت وقسمها بين أصحابه ونهب دور أهل مكة فلما بلغ ذلك المهدي عبيد الله صاحب إفريقية كتب إليه ينكر عليه ويلومه ويلعنه ويقول له حققت علينا شيعتنا ودعاة دولتنا الكفر واسم الإلحاد بما فعلت وإن لم ترد على أهل مكة والحجاج وغيرهم ما أخذت منهم وترد الحجر الأسود إلى مكانه وترد الكسوة وإلا فأنا بريء منك في الدنيا والآخرة فلما وصله هذا الكتاب أعاد الحجر وما أمكنه من أموال أه مكة وقال أخذناه بأمر ورددناه بأمر وكان بجكم التركي أمير بغداد والعراق قد بذل لهم في ردة خمسين ألف دينار فلم يردوه قال ابن الأثير ردوه إلى الكعبة المعظمة لخمس خلون من ذي القعدة وقيل من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة في خلافة المطيع وإنه لما أخذوه تفسخ تحته ثلاث جمال قوية من ثقله ولما ردوه أعادوه على جمل واحد فوصل به سالما قال قاضي القضاة شمس الدين أحمد بن خلكان وهذا الذي ذكره شيخنا من كتاب المهدي القرمطي لا يستقيم لأن المهدي توفي سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة وكان رد الحجر الأسود سنة تسع وثلاثين فقد ردوه بعد موته بتسع عشرة سنة والله أعلم ثم قال شيخنا عقيب هذا ولما أرادوا رده حملوه إلى الكوفة وعلقوه بجامعها حتى رآه الناس ثم حملوه إلى مكة وكان مكثه عندهم اثنتين وعشرين سنة قال ابن خلكان وذكر غير شيخنا أن الذي رده هو ابن شنبر وكان من خواص أبي سعيد قلت قال) ابن أبي الدم في كتاب الفرق الإسلامية أن الخليفة راسل أبا طاهر في ابتياعه فأجابه إلى ذلك فباعه من المسلمين بخمسين ألف دينار وقيل
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»