الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٤ - الصفحة ٦٩
وقال لي بالعربية بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك فتركته ومضيت إلى سبيلي إلى أن دخلنا مكة وقضينا ما كنا أتينا له من أمر التجارة وعدنا إلى الوطن فلما تطاولت المدة على ذلك كنا جلوسا في فناء ضيعتنا هذه ليلة مقمرة ورأينا ليلة البدر والبدر في كبد السماء إذ نظرنا إليه وقد انشق نصفين فغرب نصف في المشرق ونصف في المغرب إلى أن التقيا في وسط السماء كما كان أول مرة فعجبنا من ذلك غاية العجب ولم نعرف لذلك سببا وسألنا الركبان عن خبر ذلك وسببه فأخبرونا أن رجلا هاشميا ظهر بمكة وادعى أنه رسول من الله إلى كافة العالم وأن أهل مكة سألوه معجزة كمعجزة سائر الأنبياء وأنهم اقترحوا عليه أن يأمر القمر فينشق في السماء ويغرب نصفه في الغرب ونصفه في الشرق ثم يعود إلى ما كان عليه ففعل لهم ذلك بقدرة الله تعالى فلما سمعنا ذلك من السفار اشتقت أن أرى المذكور فتجهزت في تجارة وسافرت إلى أن دخلت مكة وسألت عن الرجل الموصوف فدلوني على موضعه فأتيت إلى منزله واستأذنت عليه فأذن لي ودخلت عليه فوجدته جالسا في صدر المنزل والأنوار تتلألأ في وجهه وقد استنارت محاسنه وتغيرت صفاته التي كنت أعهدها في السفرة الأولى فلم أعرفه فلما سلمت عليه نظر إلي وتبسم وعرفني وقال وعليك السلام ادن مني وكان بين يديه طبق فيه رطب وحوله جماعة من أصحابه كالنجوم يعظمونه ويبجلونه فتوقفت لهيبته فقال ثانيا ادن مني وكل الموافقة من المروءة والمنافقة من الزندقة فتقدمت وجلست وأكلت معهم الرطب وصار يناولني الرطب بيده المباركة إلى أن ناولني ست رطبات من سوى ما أكلت بيدي ثم نظر إلي وتبسم وقال لي ألم تعرفني قلت كأني غير أني ما أتقق فقال ألم تحملني في عام كذا وجاوزت بي السبيل حين حال السيل بيني وبين إبلي فعند ذلك عرفته بالعلامة وقلت له بلى والله يا صبيح الوجه فقال لي امدد إلي يدك فمددت يدي اليمنى إليه فصافحني بيده اليمنى وقال لي قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقلت ذلك كما علمني فسر بذلك وقال لي عند خروجي من عنده بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك فودعته وأنا مستبشر بلقائه وبالإسلام فاستجاب الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم وبارك في عمري بكل دعوة مائة) سنة وهما عمري اليوم نيف وست مائة سنة لسنة ازداد في عمري بكل دعوة مائة سنة وجميع من في هذه الضيعة العظيمة أولاد أولاد أولادي وفتح الله علي وعليهم بكل خير وبكل نعمة ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وذكر عبد الوهاب القارئ الصوفي أنه في حدود سنة اثنتين وثلاثين وست مائة وذكر النجيب عبد الوهاب أيضا أنه سمع من الشيخ محمود بن بابا رتن وأنه بقي إلى سنة تسع وسبع مائة وأنه قدم عليهم شيراز وذكر أنه ابن مائة وست وسبعين عاما وأنه
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»