ونشأ الحسن كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم عابدا عالما جوادا فاضلا مهيبا وقورا حليما فصيحا وحج خمسا وعشرين حجة ماشيا وإن النجائب لتقاد معه ولقد قاسم الله ماله ثلاث مرات حتى أنه يعطي الخف ويمسك النعل وقال ابن سيرين كان الحسن يجيز الرجل الواحد بمائة ألف درهم وكان رضي الله عنه مطلاقا قيل إنه أحصن بسبعين امرأة وقلما تفارقه أربع حرائر وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه وكان يوم الجمل على الميمنة وقيل على الميسرة وكان يكره القتال ويشير على أبيه بتركه وبويع بعد قتل أبيه بالخلافة بايعه أهل الكوفة وكانوا تسعين ألفا أو نحوها وأطاعوه وأحبوه أشد من حبهم لأبيه فبقي فيها ستة أشهر أو سبعة أو نحو ذلك فتمت بها خلافة النبوة ثلاثين سنة ثم إنه صالح معاوية سنة إحدى وأربعين بسواد الكوفة فسمي عام الجماعة وسلم الأمر إليه وكان هذا هو الصلح الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحسن فوالله والله بعد أن ولي لم يهرق في خلافته ملء محجمة من دم وكان أهل العراق قد خذلوه في قتال معاوية ونهب سرادقه وطعن بخنجر فكتب إلى معاوية بالصلح فقدم عليه وبايعه على أن جعل العهد من بعده للحسن واشترط عليه أخذ ما في بيت المال وكان سبعة آلاف ألف درهم وأن لا يسب عليا وهو يسمع وأن يحمل إليه خراج فسا ودارابجرد من أرض فارس كل عام إلى المدينة ما بقي فأجابه معاوية إلى ذلك ثم كان يجري عليه كل سنة ألف ألف درهم ولم يحمل إليه الخراج وعرض للحسن رجل فقال يا مسود وجوه المسلمين وقال آخر يا مسخم وجوه المؤمنين) وكان أصحابه يقولون يا عار المؤمنين فيقول لهم العار خير من النار ثم إنه مات مسموما قيل إن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس أمرها بذلك يزيد بن معاوية لتكون ولاية العهد له ووعدها أن يتزوجها فلما مات الحسن قال يزيد والله لم نرضك للحسن فكيف نرضاك لأنفسنا ولم يتزوجها وكان الحسن توضع تحته طست وترفع أخرى نحوا من أربعين يوما فقال الطبيب هذا رجل قطع السم أمعاؤه وأقام نساء بني هاشم عليه النواح شهرا ولما مات ارتجت المدينة صياحا وكان قد أوصى أن يدفن في حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تخاف فتنة فحال مروان بمن معه دون ذلك فقال والله لا يدفن في الحجرة وقد دفن عثمان في البقيع وبلغ ذلك معاوية فاستصوبه فدفن عند قبر أمه فاطمة وصلى عليه سعيد بن العاص وهو أمير المدينة
(٦٨)