الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٦
* بكيتك للشرد السائرات * تفتق ألفاظها بالمعاني * * ليبك الزمان طويلا عليك * فقد كنت خفة روح الزمان * وقد جمع أخباره أبو بكر محمد بن عبد الله بن حمدون في مجلدة ذكر في أولها قال حدثني) صديق لي قال رأيت عند بعض الوراقين جزءا من هذا الشعر فيه خمسون ورقة فسألته أن يبعينه بما شاء فامتنع وقال لي هذا الجزء في دكاني بمنزلة جارية طيبة الغناء مليحة الوجه في القيان يكتريه حرفاء لي مجان طياب إذا اجتمعوا للشرب بأجرة قد اتفقنا عليها فأستثني عليهم بعد الأجرة أن يتنقصوا لي من مأكلهم ومشروبهم وفاكهتهم بما يحمل إلي مع الجزء إذا ردوه وقال بلغني عمن يقع إليه من طبقات الناس في الأمصار والبلدان البعيدة أنهم يتهمون أبا عبد الله بسخف في دينه ومروءته وضعف عهد في مودته وأمانته وتسلطه على الأعراض برويته وبديهته فإذا أخبرهم من شاهده عما فيه من الفضل والحرية والديانة والمروءة والخفر والحياء والتعلق بالخير والتبري من الشر والرجوع في ذلك إلى أبوته الجليلة وقديمه المشهور وبيته المعروف لم يصدقوه وشكوا في خبره وقال ابن حجاج أعانني على مذهبي أن أبي كان أباع مستغلات له متصلة بدوره فابتاعها قوم نقضوها وبنوها خانات أسكنوها الشحاذين والغرباء السفل وذوي العاهات المكديين وكل دلوك وقطعي من الخلد والربيدية فكنت أسمع في ليالي الصيف خاصة مشاتمات رجالهم ونسائهم فوق السطوح ومعي دواة وبياض أثبت ما أسمعه فإذا مر بي ما لا أفهمه أثبته على لفظه واستدعيت من غد من قد سمعت منه ذلك وأنا عارف بلغاتهم لأنهم جيراني فأسأله عن التفسير وأكتبه ولم أزل أصمعي تلك البادية مدة وقال في سخف شعره من الوافر * أيا مولاي هزلي تحت جدي * وتحت الفضة انحرف اللحام * * وشعري سخفه لا بد منه * فقد طبنا وزال الاحتشام * * وهل دار تكون بلا كنيف * يكون لعاقل فيها مقام * ولما دخل أبو الطيب المتنبي بغداد وأشير عليه بمدح الوزير المهلبي قال حتى يسير إلي الجائزة قبل ذلك فإذا رأيتها مدحته على قدرها فبلغ ذلك الوزير المهلبي فغضب وأمر شعراء بغداد بهجوه فكلهم قال ما لا وقع قريبا من مرماه فقال ابن حجاج من المجتث * يا ديمة الصفع صبي * على قفا المتنبي * * وأنت يا ريح بطني * على سباليه هبي *
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»