الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٥
وإمام الشعر في أضرابه أول من فتح ذلك الباب أبو نواس وجاء ابن حجاج بعده بالطم والرم وأكثر فأحسن واستوعب الإجادة فأمعن وأنا أراه ممن يطلق عليه اسم شاعر لأنه أجاد في المدح والهجو والرثاء والغزل والوصف والأدب وسائر أنواع الشعر لكنه في المجون إمام وكل من أتى بعده بشيء من) ذلك فهو له غلام ولما أتى ابن الهبارية المذكور في المحمدين بعده وأراد يسلك طريقة قصر وكان الأليق به الإمساك عن مجاراته لو تبصر وكان حسن الهيئة واللبس والسمت والوقار والسكينة مدح ابن حجاج الملوك والأمراء والوزراء والرؤساء وديوانه كبير إلى الغاية أكثر ما يوجد في عشر مجلدات ورأيته كثيرا في مجلدين وفي مجلد واحد تولى حسة بغداد مرات وأقام بها مدة يقال إنه عزل بأبي سعيد الإصطخري الفقيه الشافعي قلت وهذا لا يستقيم فإن أبا سعيد توفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وابن حجاج توفي سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة بالنيل وحمل إلى بغداد ودفن عند مشهد موسى بن جعفر رضي الله عنه وأوصى أن يدفن عند رجليه ويكتب على قبره وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد وكان من كبار الشيعة ورآه أحمد بن الخازن في المنام بعد موته فسأله عن حاله فأنشده من مجزوء الرجز * أفسد حسن مذهبي * في الشعر سوء مذهبي * * وحملي الجد على * ظهر حصان اللعب * * لم يرض مولاي على * سبي أصحاب النبي * * وقال لي ويلك يا * أحمق لم لم تتب * * من سب قوم من رجا * ولاء هم لم يخب * * رمت الرضا جهلا بما * أصلاك ذات اللهب * قلت أشهد أن هذا الشعر نفسه كأنه قاله حيا ولما مات رثاه الشريف الرضي بقصيدة من جملتها من المتقارب * نعوه على حسن ظني به * فلله ماذا نعى الناعيان * * رضيع ولاء له شعبة * من القلب مثل رضيع اللبان * * وما كنت أحسب أن الزمان * يفل مضارب ذاك اللسان *
(٢٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 ... » »»