قال أبو المظفر ابن الجوزي بلغني أنه كان يكون على السماط بدمشق فإذا سمع فقيها يقول مسألة قال لا نسلم يصيح بها ومنها أنه احتجب عن أمور الناس وانهمك على الفساد مع الغلمان على ما قيل وما كان أبوه كذلك ويقال إنه تعرض لحظايا أبيه ومنها أنه قدم الأراذل وأخر خواص أبيه وكان قد وعد الفارس أقطايا لما جاء إليه إلى حصن كيفا أن يؤمره فما وفى له فغضب وكانت شجر الدر زوجة أبيه قد ذهبت من المنصورة إلى القاهرة فجاء هو إلى المنصورة وأرسل إليها يتهددها ويطالبها بالأموال فعاملت عليه فلما كان اليوم السابع من المحرم سنة ثمان وأربعين وست مائة ضربه بعض البحرية وهو على السماط فتلقى الضربة بيده فذهبت بعض أصابعه فقام ودخل البرج الخشب الذي هناك وصاح من جرحني فقالوا بعض الحشيشية فقال لا والله إلا البحرية والله لأفنينهم وخاط المزين يده وهو يتهددهم فقالوا فيما بينهم تمموه وإلا أبادنا فدخلوا عليه فهرب إلى أعلى البرج فرموا النار في البرج ورموه بالنشاب فرمى بنفسه وهرب إلى النيل وهو يصيح ما أريد ملكا دعوني أرجع إلى حصن كيفا يا مسلمين ما فيكم من يصطنعني فما أجابه أحد وتعلق بذيل الفارس أقطايا فما أجاره ونزل في البحر إلى حلقه ثم قتلوه وبقي ملقى على جانب النيل ثلاثة أيام حتى شفع فيه رسول الخليفة فواروه وقيل إن الماء كشفه بعد أيام فركب واحد في مركب وألقى في جثته صنارة وجره في الماء مثل السمكة إلى الجانب الآخر من البحر ودفنه وكان الذي باشر قتله أربعة فلما قتل خطب على منابر الشام ومصر لأم) خليل شجر الدر ثم تسلطن المعز أيبك التركماني كما تقدم في ترجمته ولكنه كان قوي المشاركة في العلوم حسن البحث ذكيا قال ابن واصل لما دخل المعظم دمشق قامت الشعراء فابتدأ شاعر فأنشد قصيدة أولها * قل لنا كيف جئت من حصن كيفا * حين أرغمت للأعادي أنوفا * فقال المعظم في الوقت * الطريق الطريق يا ألف نحس * مرة آمنا وطورا مخوفا * وفيه يقول الصاحب جمال الدين بن مطروح * يا بعيد الليل من سحره * دايما يبكي على قمره * * خل ذا واندب معي ملكا * ولت الدنيا على أثره * * كانت الدنيا تطيب لنا * بين ناديه ومحتضره * * سلبته الملك أسرته * واستووا غدرا على سرره * * حسدوه حين فاتهم * في الثبات الغض من عمره * وفيه يقول نور الدين علي بن سعيد
(٢٧٥)