وتنقلت به الأحوال عنده ولازمه في الشرق وغيره وجعله جاشنكيره ولهذا رنكه صورة خونجه فلما قتل المعظم توران شاه ابن الملك الصالح وبقيت الديار المصرية بلا ملك تشوف إلى السلطنة أعيان الأمراء فخيف من شرهم وكان عز الدين أيبك معروفا بالسداد وملازمة الصلاة ولا يشرب خمرا وعنده كرم وسعة صدر ولين جانب وهو من أوسط الأمراء فاتفقوا وسلطنوه في أواخر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وستمائة وركب بشعار السلطنة وحملت الغاشية بين يديه وأول ما حملها الأمير حسام الدين ابن أبي علي وتداولها أكابر الأمراء وقالوا هذا متى أردنا صرفه أمكننا ثم إنه البحرية اتفقوا وقالوا لابد من واحد من بني أيوب يجتمع الكل على طاعته وكان الاتفاق من أقطاي الجمدار وبيبرس البندقداري وبلبان الرشيدي وسنقر الرومي فأقاموا مظفر الدين موسى ابن الناصر يوسف ابن الملك المسعود ابن الكامل وكان عند عماته وعمره نحو عشر سنين فأحضروه وسلطنوه وخطبوا له وجعلوا التركماني أتابكه وذلك لخمس مضين من جمادى الأولى بعد سلطنة المعز بخمسة أيام وكانت التواقيع تخرج وصورتها رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الأشرفي والملكي المعزي واستمر الحال على ذلك والمعز مستمر على التدبير ويعلم على التواقيع والملك الأشرف صورة فلما ملك الملك الناصر صلاح الدين يوسف دمشق سنة ثمان وأربعين خرج الأمير ركن الدين خاص وجماعة من العسكر إلى غزة فتلقتهم عساكر الملك الناصر فاندفعوا راجعين واجتمعوا بجماعة من الأمراء فاتفقوا على مكاتبة الملك المغيث فتح الدين عمر ابن العادل أبي بكر ابن الكامل صاحب الكرك والشوبك وخطبوا له بالصالحية يوم الجمعة لأربع مضين من جمادى الآخرة فنادى المعز بالقاهرة أن البلاد للخليفة المستعصم والملك المعز نائبه بها وحث على خروج العسكر وجددت الأيمان للأشرف بالسلطنة وللمعز بالأتابكية وقصد الملك الناصر القاهرة وضرب مصافا مع العساكر المصرية فانكسروا كسرة شنيعة ولم يبق إلا تملك الملك الناصر وخطب له في قلعة الجبل وغيرها وتفرقت عساكر الناصر خلف العساكر المصرية) طلب لنهبهم والناصر في شر ذمة قليلة من أعيان الأمراء والملوك تحت السناجق والكوسات تضرب وراءه وتحير المعز في أمره إذ ليس له جهة يلتجئ إليها فعزم بمن كان معه من الأمراء على دخول البرية والتوصل إلى مكان يأمنون فيه فاجتازوا بالناصر على بعد فرأوه في نفر يسير فحملوا عليه حملة رجل واحد فتفرقوا وقتل الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني مدبر الدولة وأتابك العسكر والأمير ضياء الدين القيمري وهرب الناصر لا يلوي على شيء وكسر الصالح عماد الدين إسماعيل ابن العادل والأشرف ابن صاحب حمص والمعظم توران شاه ابن السلطان صلاح الدين وغيرهم واستمرت الكسرة عليهم وبلغ خبر ذلك الأمير جمال الدين موسى بن يغمور وقد قارب بلبيس ومعه قطعة كبيرة من الجيش فقال ما علينا نحن قد ملكنا البلاد والسلطان يعود إلينا وتوهم بعض الأمراء أن الناصر قتل فقال الأمير نجم الدين الحاجب لابن يغمور يا خوند جمال الدين حب الوطن من
(٢٦٤)