اجمع بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الحرشي فول قضاء البصرة أنفذهما فجمع بينهما فقال له إياس أيها الأمير سل عني وعن القاسم فقيهي المصر الحسن البصري ومحمد بن سيرين وكان القاسم يأتيهما وإياس لا يأتيهما فعلم القاسم أنه إن سألهما أشارا به فقال له لا تسأل لا عنه ولا عني فوالله الذي لا إله إلا هو إن إياس بن معاوية أفقه مني وأعلم بالقضاء فإن كنت كاذبا فما يحل لك أن توليني وإن كنت صادقا فينبغي لك أن تقبل قولي فقال له إياس إنك جئت برجل أوقفته على شفير جهنم فنجى نفسه منها بيمين كاذبة يستغفر الله منها وينجو مما يخاف فقال عدي بن أرطاة أما إذ فهمتها فأنت لها فاستقضاه وقال إياس ما غلبني قط سوى رجل واحد وذاك أني كنت في مجلس القضاء بالبصرة فدخل علي رجل شهد عندي أن البستان الفلاني وذكر حدوده هو ملك فلان فقلت له كم عدد شجرة فسكت ثم قال منذ كم يحكم سيدنا القاضي في هذا المجلس فقلت منذ كذا فقال كم) عدد خشب سقفه فقلت له الحق معك وأجزت شهادته وقيل إنه كان يوما في موضع فحدث فيه ما أوجب الخوف وهناك ثلاث نسوة لا يعرفهن فقال هذه حامل وهذه مرضع وهذه عذراء فقيل له من أين علمت ذلك قال إن عند الخوف لا يضع الإنسان يده إلا على أعز ما له الذي يخاف عليه ورأيت الحامل قد وضعت يدها على جوفها والرضع وضعت يدعا على ثديها والعذراء وضعت يدها على فرجها ونظر يوما وهو بواسط إلى آجرة فقال تحت هذه الآجرة دابة فنزعوا الآجرة فإذا تحتها حية مطوقة فسألوه عن ذلك فقال إني رأيت ما بين الآجرتين نديا من بين جميع آجر تلك الرحبة فعلمت أن تحتها شيئا يتنفس ومر يوما بمكان فقال أسمع صوت كلب غريب فقيل له في ذلك فقال عرفته بخضوع صوته وشدة نباح غيره من الكلاب فكشفوا عن ذلك فوجدوا كلبا مربوطا والكلاب تنبحه وكان يوما في برية فأعوزهم الماء فسمع نباح كلب فقال هذا على رأس بئر فاستقروا النباح فوحدوه كما قال فسألوه عن ذلك فقال لأني سمعت صوته كالذي يخرج من بئر وتحاكم إليه اثنان فقال أحدهما إني نزلت إلى النهر لأستحم ولي قطيفة خضراء جديدة وضعتها على جانب النهر وجاء هذا وعليه قطيفة حمراء عتيقة فوضعها ونزل الماء ولما طلعنا سبقني وأخذ القطيفة الخضراء فقال ألكما بينة فقالا لا فامر بمشط فحضر فمشطهما به فلما فعله خرج الصوف الأخضر من رأس صاحب القطيفة الخضراء فأمر له بها ونظر يوما إلى رجل فقال هذا غريب من واسط فقيه كتاب هرب منه عبد فقيل له في ذلك فقال أما إنه من أهل واسط فإن في ثيابه أثر تراب واسط وأنا أنه غريب فإنه يمشي ويسأل وأما أنه فقيه كتاب فإنه لا يميل إلا إلى الصغار ولا يأنس إلا بهم ولا يسأل إلا منهم وأما أنه هرب منه عبد فإنه إذا رأى أسود تلمحه ونظر إليه طويلا وكان إياس يقول كل من لم يعرف عيب نفسه فهو أحمق فقيل له فما عيبك قال كثرة الكلام وإياس في عداد السادات الطلس لأنه لم يكن بوجهه نبات
(٢٦٢)