الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٩ - الصفحة ١٩٦
فقيرا يعرف بجفال أخبرنا بذلك قال أقمت عنده في ذلك المكان أحضر كل يوم بدرهم ونصف عشرة أعوام أو أكثر وأما جوده فكان غاية كل من يموت له فرس من أجناده أو مماليكه يحضر كفله إلى المطبخ ويصرف له من الديوان ستمائة درهم وإذا جرد إلى مكان لا يزال طلبه جميعا يأكلون على سماطه ويعلقون على خيلهم من عنده من يوم خروجهم من القاهرة إلى يوم دخولها وكان السماط الذي يمده في العيد نظير سماط السلطان وولاه نظر البيمارستان المنصوري بالقاهرة وكان يدخل في بعض الأوقات إلى المجانين ويدخلهم الحمام ويكسوهم قماشا جديدا وأحضر لهم يوما جماعة الجوالقية فغنوا لهم بالكف ورقص المجانين وكان يبر المباشرين الذين به بالذهب من عنده ويطلع في الليل قبل التسبيح المأذنة وكان للمارستان به صورة عظيمة أملاكه محترمة معظمة لا يرمى على سكانها شيء ولا يتعرض إليهم أحد بأذية أخرجه السلطان أول سنة أربع وثلاثين وسبعمائة إلى نيابة طرابلس فحضر إليها وأقام بها مدة وبالغ في طلب الإقالة وأن يكون مقيما بالقدس فرسم له بالحضور إلى دمشق وخرج الأمير سيف الدين تنكز وتلقاه وعمل له سماطا في دار السعادة وحضر الأمراء فأمسكوه على السماط وأودع الاعتقال في قلعة دمشق فأقام يسيرا ثم جهز إلى قلعة صفد وحبس بها في برج فدخل إليه بعض أهلها فقال يا خوند ما تلبث هنا إلا يسيرا وتخرج منه لأنك دخلت في برج منقلب فلما كان بعد أيام أخرجوه منه إلى غيره فقال لأي شيء قالوا له يا خوند البرج قد انشق وتخاف أن يقع عليك فقال صدق ذلك القائل كان البرج ينقلب علي وكان له أشياء غريبة فيما يوقع بقلمه على القصص كتب إليه إنسان وهو بدمشق نائب المملوك يسأل الحضور بين يدي مولانا ملك الأمراء فوقع على جانبها الاجتماع مقدر) وكتب إليه بعض من كان بها مليحا يطلب إقطاعا فوقع له من كان يومه بخمسين وليلته بمائة ما له حاجة بالجندية وكتب إليه إنسان وهو بالكرك إن هؤلاء الصبيان قد كثرت أذيتهم للمملوك وهو يسأل كفهم عنه فوقع له إن لم تصبر على أذى أولادهم وإلا فأخرج من بلادهم ووقع لآخر كانت قد جرت له في الليل كائنة قد أحصيناك وإن عدت إلى مثلها أخصيناك وقال للأمير سيف الدين تنكز لما أمسكه أما أنا فقد أمسكت ولكن خذ أنت حذرك منه وأقان في اعتقال قلعة صفد يسيرا ثم رسم بتجهيزه إلى الإسكندرية فأقام بها قليلا وكان في رأسه سلعة فطلب قطعها وشاوروا السلطان على قطعها فرسم له بذلك فقطعوها فمات في الاعتقال بالإسكندرية في سنة ست وثلاثين وسبعمائة فيما أظن وكان يضرب الألف عصا وأكثر ومات تحت ضربه جماعة منهم بازدار من بازدارية السلطان رآه وهو يسير برا باب اللوق وقد شتم سقاء كان عنده وشتم أستاذه فأمسكه وأحضره إلى البيت الذي له وضربه أكثر من ألف وقال والك أنت وإياه تخاصمتما أنا أيش كنت
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»