الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٨ - الصفحة ١٥٤
وكذلك فتنا بعضهم ببعض وقوله تعالى ولقد فتنا الذين من قبلهم ثم أوجب للذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات عذاب الأبد قال الجبائي ولولا أن هذا الجاهل الزنديق لا يعرف كلام العرب ومعانيه المختلفة في الكلمة الواحدة لما قال هذا الكفر فإن قوله سبحانه وتعالى فتنا أي ابتلينا وقوله فتنوا المؤمنين أي أحرقوهم وقال في قوله وله أسلم من في السماوات والأرض هذا خبر محال لأن الناس كلهم لم يسلموا وكذلك قوله وإن من شيء إلا يسبح بحمده وقوله ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض وقد أبان هذا الزنديق عن جهل وسفه فإن معنى قوله أسلم أي استسلم إذ الخلائق كلها منقادة لأمر الله مستسلمة لحكمة ذليلة تحت أوامره ونهيه والعرب تطلق الكل وتريد البعض قال الله تعالى تدمر كل شيء بأمر ربها ولو ذهبنا نورد ما تفوه به من الكفر والزندقة والإلحاد لطال والاشتغال بغيره أولى والله سبحانه منزه عما يقول الكافرون والملحدون وكذلك كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وقال السيد أبو الحسين محمد بن الحسين بن محمد الآملي سمعت والدي يقول قلت لأبي الحسين ابن الراوندي المتكلم أنت أحذق الناس بالكلام غير أنك تلحن فلو اختلفت معنا إلى أبي العباس المبرد لكان أحسن فقال نعم ما قلت نبهتني لما أحتاج إليه قال فكان من بعد يختلف إلى أبي العباس المبرد قال فسمعت المبرد يقول لنا أبو الحسين ابن الراوندي يختلف إلي منذ شهر ولو اختلف سنة احتجت أن أقوم من مجلسي هذا وأقعده فيه ومن شعره) * مجن الزمان كثيرة ما تنقضي * وسرورها يأتيك كالأعياد * * ملك الأكارم فاسترق رقابهم * وتراه رقا في يد الأوغاد * ومنه وقيل أنشده * أليس عجيبا بأن امرءا * لطيف الخصام دقيق الكلم * * يموت وما حصلت نفسه * سوى علمه أنه ما علم * اجتمع ابن الراوندي وأبو علي الجبائي على جسر بغداذ فقال له يا با علي أما تسمع مني معارضتي للقرآن وتقضي له فقال له أبو علي أنا أعرف بمجاري علومك وعلوم أهل دهرك ولكن أحاكمك إلى نفسك فهل تجد في معارضتك له عذوبة وهشاشة وتشاكلا وتلازما ونظما كنظمه وحلاوة كحلاوته قال لا والله قال قد كفيتني فانصرف حيث شئت وذكر أبو علي الجبائي أن السلطان طلب ابن الراوندي وأبا عيسى الوراق فأما أبو عيسى فحبس حتى مات وأما ابن الراوندي فهرب إلى ابن لاوي الهروي ووضع له كتاب الدامغ في
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»