الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٦ - الصفحة ١٣
بأحسن كلام فقال له امدحها فمدحها بأحسن كلام فقال اذهب فما لك إلى التعليم من حاجة وقال ابن أبي الدم قاضي حماة وغيره في كتب الملل والنحل إن النظام كان في حداثته يصحب الثنوية وفي) كهولته يصحب ملاحدة الفلاسفة فطالع كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة وصار رأسا في المعتزلة وإليه تنسب الطائفة النظامية ووافق المعتزلة في مسائلهم وانفرد عنهم بمسائل أخرى منها أن الله تعالى لا يوصف بالقدرة على الشر والمعاصي وقال المعتزلة هو قادر عليها لكنه لا يفعلها لقبحها ومنها أن الله تعالى إنما يقدر على فعل ما علم أن فيه صلاح العباد هذا بالنظر إلى أحكام هذه الدنيا وما في الآخرة فلا يوصف بالقدرة على زيادة عذاب أهل النار ولا ينقص منه شيئا ولا يقدر على أن يخرج أحدا من الجنة ومنها أنه نفى إرادة الله تعالى حقيقة فإذا قيل إنه مريد لأفعال العباد فالمراد أنه أمر بها وعنه أخذ هذا المذهب أبو القاسم الكعبي ومنها أنه وافق الفلاسفة على أن الإنسان حقيقة هو النفس والبدن قالبها ثم إنه قصر عن إدراك مذهب الفلاسفة فمال إلى قول الطبيعيين فقال الروح جسم لطيف مشابك للبدن داخل بأجزائه فيه كالدهن في السمسم والسمن في اللبن ومنها أنه وافق الفلاسفة في نفي الجزء الذي لا يتجزأ وما أسن قول ابن سناء الملك * ولو عاين النظام جوهر ثغرها * لما شك فيه أنه الجوهر الفرد * ولما ألزم النظام مشي نملة على صخرة من طرف إلى طرف أنها قطعت ما لا يتناهى وهي متناهية فكيف يقطع ما يتناهى ما لا يتناهى أحدث القول بالطفرة وقال تقطع النملة بعض الصخرة بالمشي وبعضها بالطفرة واستدل على ذلك بأدلة كثيرة مذكورة في كتب الأصول منها أنا لو فرضنا بئرا طولها مائة ذراع وفي وسطها خشبة معترضة ثابتة وفي الخشبة حبل مشدود من الخشبة إلى الماء يكون طول الحبل خمسون ذراعا وفي رأس الحبل دلو مربوط فإذا ألقي من رأس البئر إلى الخشبة المذكورة حبل طوله خمسون ذراعا في رأسه علاق فجر به الحبل المشدود
(١٣)
مفاتيح البحث: مدرسة المعتزلة (4)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»