الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٦ - الصفحة ٢٥٤
صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وكذلك العربي والشعوبي فإن الله تعالى قال فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون وقال إن أكرمكم عند الله أتقاكم وقال بعض أهل الأدب اتفق أهل صناعة الكلام على أن متكلمي العالم ثلاثة الجاحظ وعلي بن عبيدة اللطفي وأبو زيد البلخي فمنهم من يزيد لفظه على معناه وهو الجاحظ ومنه من يزيد معناه على لفظه وهو علي بن عبيدة ومنهم من توافق لفظه ومعناه وهو أبو زيد ولما دخل أبو زيد على أحمد بن سهل المروزي أول دخوله سأله عن اسمه فقال أبو زيد فعجب أحمد بن سهل من ذلك وعد ذلك سقطة منه فلما خرج ترك خاتمه في مجلسه فأبصره فازداد تعجبا وأخذه ونظر في نفس خاتمه وقبل فصه فإذا فيه أحمد بن سهل فعلم حينئذ أنه إنما أجاب بكنيته للموافقة الواقعة بين اسمه واسمه وكان أبو زيد في حال حداثته وفقره التمس من أبي علي المنيري حنطة فأمره بحمل جراب إليه ففعل فلم يعطه حنطة وحبس الجراب ومضى على ذلك أعوام كثيرة وخرج شهيد بن الحسين إلى محتاج بن أحمد بالصغانيان وكتب إلى أبي زيد كتبا فلم يجبه أبو زيد عنها فكتب إليه شهيد * أمني النفس منك جواب كتبي * وأقطعها لتسكن وهي تأبى * * إذا ما قلت سوف يجيب قلت * إذا رد المنيري الجرابا * وقال أبو زيد كان ببلخ مجنون يعرف بأبي إبراهيم إسحاق بن إسحاق البغداذي دخل علي وأنا ألاعب الأهوازي بالشطرنج فقال أبو زيد والأهوازي لك فتحيرت في هذا الكلام فقال لي احسب فحسبت بحروف الجمل فكان ستين وقال فصل بين كنيتك والأهوازي قال فوصلت فإذا أبو زيد ثلاثون والأهوازي ثلاثون فقضيت عجبا من اختراعه في تلك الوهلة هذا الحساب وتوفي يوم الجمعة ضحوة لعشر بقين من ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة واستدعى صاحب خراسان أبا زيد إلى بخارى ليستعين به على سلطانه فلما بلغ جيحون ورأى تغطمط أمواجه وجرية مائه وسعة قطره كتب إليه إن كنت استدعيتني لما بلغك من صائب رأيي فإني إن عبرت هذا النهر فلست بذي رأي ورأيي يمنعني من عبروه فلما قرأ كتابه عجب منه وأمره بالرجوع إلى بلخ
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»