الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٥ - الصفحة ١٧٥
إن زجرته ألهب أديمه روضة بهار ينظر من ليل في نهار ينساب انسياب الأيم ويمر مرور الغيم لا ينبه النائم إذا عبر به ولا يحرك الهوى في مسربه أخفى وطأ من الطيف وأوطأ ظهرا من مهاد الصيف قال فلم يزل بنا المسير وكل منا طاعة صاحبه أسير إلى أن قصدنا واديا كان لعيوننا باديا فما قطعنا منه عرضا حتى أتينا أرضا كأنما فرش قرارها بزبرجد وصيغت أنوارها من لجين وعسجد وقد وفرت فيها السحاب دموعها وأحسنت في قيعانها جمعها نسيمها سقيم وماؤها مقيم فهي تهدي للناشق أنفاس المعشوق) للعاشق ومنها في وصف كلب ذو خطم مخطوف ومخلب كصدغ معطوف غائب الحصر حاضر النصر له طاعة التهذيب واختلاس ذيب وتلفت مريب وحذاقة تدريب له من الطرف أوراكه ومن الطرف إدراكه ومن الأسد صولته وعراكه إذا طلب فهو منون وإذا انطوى فهو نون 3 (العلامة أثير الدين أبو حيان)) محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الشيخ الإمام الحافظ العلامة فريد العصر وشيخ الزمان وإمام النحاة أثير الدين أبو حيان الغرناطي قرأ القرآن بالروايات وسمع الحديث بجزيرة الأندلس وبلاد إفريقية وثغر الإسكندرية وديار مصر والحجاز وحصل الإجازات من الشام والعراق وغي ذلك واجتهد وطلب وحصل وكتب وقيد ولم أر في أشياخي أكثر اشتغالا منه لأني لم أره إلا يسمع أو يشتغل أو يكتب ولم يكتب ولم أره على غير ذلك وله إقبال على الطلبة الأذكياء وعنده تعظيم لهم نظم ونثر وله الموشحات البديعة وهو ثبت فيما ينقله محرر لما يقوله عارف باللغة ضابط لألفاظها وأما النحو والتصريف فهو إمام الدنيا فيهما لم يذكر معه في أقطار الأرض غيره في العربية وله اليد الطولى في التفسير والحديث والشروط والفروع وتراجم الناس وطبقاتهم وتواريخهم وحوادثهم خصوصا المغاربة وتقييد أسمائهم على ما يتلفظون به من إمالة وترخيم وترقيق وتفخيم لأنهم مجاورو بلاد الفرنج وأسماؤهم قريبة وألقابهم كذلك كل ذلك قد جوده وقيده وحرره والشيخ شمس الدين الذهبي له سؤالات سأله عنها فيما يتعلق بالمغاربة وأجابه عنها وله التصانيف التي سارت وطارت وانتشرت وما انتثرت وقرئت ودريت ونسخت وما فسخت أخملت كتب الأقدمين وألهت المقيمين بمصر والقادمين وقرأ الناس عليه وصاروا أئمة وأشياخا في حياته وهو الذي جسر الناس على مصنفات الشيخ جمال الدين ابن مالك رحمه الله ورغبهم في قراءتها وشرح لهم غامضها وخاض بهم لججها وفتح لهم مقفلها وكان يقول عن مقدمة ابن الحاجب رحمه الله تعالى هذه نحو الفقهاء والتزم أن لا يقرئ أحدا إلا إن كان في سيبويه أو في التسهيل لابن مالك
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»