أبو الثناء محمود فقال ما رأيت في أهل الأدب مثله وناهيك بمن يقول شهاب الدين محمود في حقه هذا وقال لي الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وكان به خصيصا كان الشيخ تقي الدين ممتعا إذا فتح) له باب انقضت تلك الليلة في تلك المادة حتى في شعر المتأخرين والعصريين انتهى قلت * فهو الذي بجح الزمان بذكره * وتزينت بحديثه الأخبار * قال القاضي شهاب الدين محمود قال لي الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد يوما قول أبي الطيب * لو كان صادف رأس عازر سيفه * في يوم معركة لأعيى عيسى * في هذا شيء غير إساءة الأدب فأفكرت ساعة ثم قلت نعم كون الموت ما يتفاوت إن كان بالسيف أو غيره فالإحياء من الموت سبيل واحدة فقال أحسنت يا فقيه أو كما قال وهذه المؤاخذة لا تصدر إلا من أديب كبير كالجاحظ أو غيره وأما ما كان يقع من الشيخ أثير الدين في حقه فله سبب أخبرني به الشيخ فتح الدين قال كان الشيخ تقي الدين قد نزل عن تدريس مدرسة لولدهنسيت أنا المدرسة واسم ابنهفلما حضر الشيخ أثير الدين درس قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز قرأ آية يفسرها درس ذلك اليوم وهي قوله تعالى قد خسر الذين قتلوا أولادهمفبرز أبو حيان من الحلقة وقال يا مولانا قاضي القضاة قدموا أولادهم قدموا أولادهم يكرر ذلك فقال قاضي القضاة ما معنى هذاقال ابن دقيق العيد نزل لولده فلان عن تدريس المدرسة الفلانية فنقل المجلس إلى الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد فقال أما أبو حيان ففيه دعابة أهل الأندلس ومجونهم وأما أنت يا قاضي القضاة فيبدل القرآن في حضرتك وما تنكر هذا الأمر فما كان إلا عن قليل حتى عزل ابن بنت الأعز من القضاء بابن دقيق العيد فكان إذا خلا شيء من الوظائف التي تليق بالشيخ أثير الدين أبي حيان يقول الناس هذه لأبي حيان يخرجها الشيخ تقي الدين لغيره فهذا هو السبب الموجب لحط أبي حيان وشناعه عليه وأهل العصر لا يرجع إلى جرحهم بعضهم بعضا لمثل هذه الواقعة وأمثالها * إن العرانين تلقاها محسدة * ولا ترى للئام الناس حسادا * وما خلص ابن بنت الأعز من ضرب العنق إلا ابن دقيق العيد لأن الوزير شمس الدين ابن السلعوس لما عمل على ابن بنت الأعز وعزله وسعى في عمل محاضر بكفره وأخذ خط الجماعة على المحاضر ولم يبق إلا خط ابن دقيق العيد أرسل إليه المحاضر مع نقباء وقال يا مولانا
(١٣٩)