الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٥
لي غير واحد وكاد يبلغ عنه مبلغ التواتر بل بلغه وقل من أنكر عليه حاله واجتمع به إلا) وزال ذلك من خاطره كان الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس ممن ينكر حاله ويشنع عليه فما كان إلا أن اجتمع به فسألته عنه فقال هو إنسان حسن ثم اجتمع به مرة ومرة وكذلك الأمير ناصر الدين محمد بن جنكلي بن البابا كان ينكر عليه واجتمع به وجرى بينهما تنافس في الكلام ولم يجئ من عنده إلا وقد رضي به ولكن أخبرني جماعة عنه ممن توجه إليه وأقام عنده أن في مكانه مسجدا ومنبرا للخطيب يوم الجمعة وكان يأمر الناس بالصلاة ولم يصل مع أحد وصلاة الجماعة لا يعدلها شيء وأمره غريب والسلام يتولى الله سريرته وكان قد عظم شأنه ويكتب الأوراق إلى دوادار السلطان والي كاتب السر وإلى من يتحدث في الدولة بقضاء أشغال الناس بعبارة ملخصة موجزة على يد من يتقاضاه ذلك ويقضى ما يشير به وما عظم واشتهر إلا بتردد القاضي فخر الدين ناظر الجيش إليه فإنه كان يزوره كثيرا فعظم محله في النفوس وقرأ على ضياء الدين ابن عبد الرحيم وتلا على الصايغ بات في عافية وأرسل إلى القرى التي حوله ليحضروا إليه فقد عرض أمر مهم فأتوه فدخل خلوة زاويته وأبطأ فطلبوه فوجدوه ميتا والحكايات في شأنه كثيرة تزيد وتنقص إلا أنه كان لا يدعي شيئا ولم بحفظ عنه شطح حسن العقيدة شافعي المذهب وكان يخرج إلى الواردين أطمعة كثيرة من داخل مكانه ولا يدخل إلى ذلك المكان أحد سواه وله همة عظيمة وجلادة عل خدمة الناس توفي في شهر رمضان سنة سبع وثلاثين وسبع ماية ولعله قد قارب الستين رحمه الله تعالى قاضي القضاة ابن المجد محمد بن عبد الله بن حسين بن علي بن عبد الله الزدزاري الإربلي الدمشقي الشافعي قاضي القضاة العلامة شهاب الدين أبو الفرج وأبو عبد الله ابن الإمام مجد الدين ولد سنة اثنتين وستين وسمع من أبي اليسر ومظفر بن عبد الصمد بن الصايغ والفخر علي وابن أبي عمر وأبي بكر ابن الأنماطي وابن الصابوني وعبد الواسع الأبهري والنجم بن المجاور وابن الواسطي وابن الزين وابن بلبان وغيرهم وكتب الطباق وسمع كثيرا وأفتى ودرس وجود العربية وغير ذلك وكان أولا ينوب في وكالة بيت المال عن القاضي جمال الدين والقاضي علاء الدين ابني القلانسي ثم انفرد بالوكالة ثم ولي قضاء القضاء بعد القاضي جمال الدين ابن جملة ولم يحمد في الحكم على أنه حكى لي عنه شرف الدين الخليلي العدل حكاية تدل على مروءة جمة ومكارم عظيمة وكان واسع النفس كثير البذل ولما عزل من باب السلطان بقاضي القضاة جلال الدين القزويني ولم يعلم توجه لهناء القاضي شهاب الدين) ابن القيسراني بولاية كتابة السر بدمشق فنفرت به البلغة عند حمام الخضراء فرض دماغه فحمل في محفة إلى العادلية ومات بعد أسبوع في آخر جمادى الأولى سنة ثمان وثلثين وسبع ماية ولم يعمل له عزءا وأوذي أصهاره وكان مجموعا عظيما في الفضيلة أما الفروع والشروط فكان إماما لا يجارى في ذلك وفيه مكارم وله محاسن وفيه خدم للناس كتب إليه جمال الدين محمد بن نباتة
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 » »»