فانتبهت ووجدت في نهضة فخرجت من بيتي ولم أكن أعملت بذلك أحدا فلقيني بعض الفقراء فقال أريد أن تعطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أيها فقال التي أنشأتها في مرضك وذكر أولها وقال والله لقد سمعنا البارحة وهي تنشد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيته صلى الله عليه وسلم يتمايل وأعجبته وألقى على من أنشدها بردة فأعطيته إياها وذكر الفقير ذلك فشاع المنام إلى أناتصل بالصاحب بهاء الدين وزير الظاهر فبعث إلي واستنسخها ونذر أن لا) يسمعها إلا قايما حافيا مكشوف الرأس وكان يحب سماعها هو وأهل بيته ثم أنه بعد ذلك أدرك سعد الدين الفارقي الموقع رمد أشرف منه على العمى فرأى في المنام قايلا يقول له اذهب إلى الصاحب وخذ البردة واجعلها على عينيك تعافى بإذن الله تعالى فأتى الصاحب وذكر منامه فقال ما أعرف عندي من أثر النبي صلى الله عليه وسلم بردة ثم فكر ساعة وقال لعل المراد قصيدة البردة يا ياقوت قل للخادم يفتح صندوق الآثار ويخرج القصيدة من حق العنبر ويأت بها فأتى بها فأخذها سعد الدين ووضعها على عينيه فعوفيتا ومن ثم سميت البردة القايد ابن حريبة لمقرئ محمد بن سعيد القايد أبو المجد المعري المعروف بابن حريبة كان يعاني الكتابة وله رياسة يتولى الأعمال للسلطان قال العماد الكاتب لما وصلنا إلى حمص متوجهين في خدمة السلطان الملك الناصر إلى حرب الحلبيين والمواصلة في شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وخمس ماية تلقانا القايد أبو المجد فأنشد الملك الناصر * إذا خفقت بنودك في مقام * رأيت الأرض خاشعة تميد * * وإن طرقت جيادك دار قوم * فشم الشامخات لها وهود * * وإن برقت سيوفك في عدو * فما من قايم إلا حصيد * وأنشد أيضا * سيوفك أعناق العداة تميل * وخوفك آفاق البلاد تجول * * وكفك فوق النيل نيل لأنه * إذا سال ماء فالنضار تسيل * * وكل كثير من عدو ونايل * إذا صلت فيه أو وصلت قليل * وقال من قصيدة في السلطان عند نصرته على المواصلة * وكان قد عمهم عفوا لو اعترفوا * لعمهم فضله لكنهم جحدوا * * والعفو عند لئيم الطبع مفسدة * تطغي ولكنه عند الكريم يد * الحلبي الحنبلي محمد بن سعيد بن أبي المنى الإمام الفقيه بدر الدين الحلبي الحنبلي نزيل القاهرة سمع من التقي ابن مؤمن والعز ابن الفراء والأبرقوهي ونسخ كثيرا وحصل
(٩٤)