الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٣ - الصفحة ٦٢
3 (ابن زكرياء)) الرازي الطبيب محمد بن زكريا الرازي الطبيب الفيلسوف كان في صباه مغنيا بالعود فلما التحى قال كل غناء يخرج بين شارب ولحية ما يطرب فأعرض عن ذلك وأقبل على دراسة كتب الطب والفلسفة فقرأها قراءة معقب على مؤلفيها فبلغ من معرفتها الغاية واعتقد صحيحها وعلل سقيمها وصنف في الطب كتبا كثيرة فمن ذلك الحاوي يدخل في مقدار ثلثين مجلدة والجامع وكتاب الأعصاب وهو أيضا كبير والمنصوري المختصر جمع فيه بين العلم والعمل يحتاج إليه كل أحد صنفه لأبي صالح منصور ابن نوح أحد ملوك السامانية وغير ذلك ومن كلامه إذا كان الطبيب عالما والمريض مطيعا فما أقل لبث العلة ومنه عالج في أول العلة بما لا يسقط به القوة ولم يزل رئيس هذا الشأن واشتغل به على كبر قيل أنه اشتغل فيه بعد الأربعين وطال عمره وعمي في آخر عمره واشتغل على الحكيم أبي الحسن علي بن ربن الطبري صاحب التصانيف التي منها فردوس الحكمة وكان مسيحيا ثم أسلم وذكر أن سبب عماه أنه صنف للملك منصور المذكور كتابا في الكيمياء فأعجبه ووصله بألف دينار وقال أريد أن تخرج ما ذكرت من القوة إلى الفعل فقال إن ذلك مما يحتاج إلى مؤن وآلات وعقاقير صحيحة وأحكام صنعة فقال له الملك كل ما تريده أحضره إليك وأمدك به فلما كع عن مباشرة ذلك وعمله فقال الملك ما اعتقدت أن حكيما يرضى بتخليد الكذب في كتب ينسبها إلى الحكمة يشغل بها قلوب الناس ويتعبهم فيما لا فايدة فيه والألف دينار لك صلة ولا بد من عقوبتك على تخليد الكذب في الكتب وأمر أن يضرب بالكتاب الذي عمله على رأسه إلى أن يقطع فكان ذلك الضرب سبب نزول الماء في عينيه وتوفي سنة إحدى عشرة وثلث ماية قال ابن أبي أصبيعة في تاريخ الأطباء قال عبيد الله بن جبريل إن الرازي عمر إلى أن عاصر الوزير ابن العميد وهو الذي كان سبب إظهار كتابه الحلوى بعد وفاته بأن بذل لأخته مالا حتى أخرجت المسودات له فجمع تلاميذه الأطباء بالري حتى رتبوا الكتاب فخرج الكتاب على ما هو عليه من الاضطراب انتهى قلت ومن شعر الرازي
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»