تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ٤٦
قبلهما بيومين ثلاثة أبا خرص وقيده، واستناب على دمشق علم الدين الشجاعي.
[دخول عكا] ثم هيأ السلطان أسباب الزحف، ورتب كوسات عظيمة، فكانت ثلاثمائة حمل، وزحف عليها سحر يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولى بسائر الجيش.
وكان للكوسات أصوات مهولة، وانقلبت لها الدنيا فحين لاصق الجيش الأسوار هرب الفرنج، ونصبت الأعلام المشرفية على الاسوار مع طلوع الشمس، وبذل السيف، ولم يمض ثلاث ساعات من النهار إلا وقد استولى المسلمون عليها، ودخلوها من أقطارها، وطلب الفرنج جهة البحر، فقتل من أدرك منهم، وأسهل القتل والأسر والسبي على سائر أهلها. وعصت الديوية والإسبتار والأرمن في أربعة أبرجة شواهق في وسط البلد، فحصروا فيها، ثم طلبوا الأمان من الغد، فأمنهم السلطان وسير لهم سنجقا، فنصبوه على برجهم، وفتحوا الباب، فطلع إليهم الأجناد وبعض الأمراء، وتعرضوا لهم بالنهب وأخذ النساء، فغلق الفرنج الأبواب، ورموا السنجق، وقتلوا طائفة من الجند، وقتلوا الأمير أقبغا المنصوري. وعاودهم الحصار، ونزل إسبتار الأرمن بالأمان على يد زين الدين كتبغا الذي تسلطن.
وفي اليوم الثالث من الفتح طلب الديوية الأمان، وكذا الإسبتار، فأمنهم السلطان، وخرجوا، ثم نكث، وقتل منهم فوق الألفين، وأسر مثلهم، وساق إلى باب الدهليز فوق الألف من نسائهم وصبيانهم. فلما رأى من تبقى في أحد الأبرجة ما جرى تحالفوا على الموت، وامتنعوا من قبول الأمان، وقاتلوا
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»