تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥٠ - الصفحة ٢٥٤
عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم. يواجه الملوك والجبابرة بالإنكار، وإذا عجز عن المواجهة كتب الرسائل، فمما كتبه وأرسلني في السعي فيه وهو يتضمن العدل في الرعية وإزالة المكوس. وكتب معه في ذلك شيوخنا الشيخ شمس الدين، والزواوي، والشريشي، والشيخ إبراهيم بن الأرموي، والخطيب بن الحرستاني، ووضعها في ورقة إلى الخزندار، فيها:
من عبد الله يحيى النواوي، سلام الله ورحمته وبركاته على المولى المحسن، ملك الأمراء بدر الدين أدام الله له الخيرات، وتولاه بالحسنات، وبلغه من خيرات الدنيا والآخرة كل آماله، وبارك له في جميع أحواله آمين، وينهى إلى العلوم الشريفة أن أهل الشام في ضيق وضعف حال بسبب قلة الأمطار وغلاء الأسعار.. وذكر فصلا طويلا فلما وقف على ذلك أوصل الورقة التي في طيها إلى السلطان، فرد جوابها ردا عنيفا مؤلما، فتنكدت خواطر الجماعة.
وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف.
قال ابن العطار: وقال لي المحدث أبو العباس بن فرح، وكان له ميعادان في الجمعة على الشيخ يشرح عليه في الصحيحين، قال: كان الشيخ محيي الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص شدت إليه الرحال. المرتبة الأولى: العلم. والثانية: الزهد. والثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سافر الشيخ إلى نوى وزار القدس والخليل وعاد إلى نوى، وتمرض عند أبيه. قال ابن العطار: فذهبت لعيادته ففرح ثم قال لي: ارجع إلى أهلك. وودعته وقد أشرف على العافية، وذلك يوم السبت. ثم توفي ليلة الأربعاء.
قال: فبينا أنا نائم تلك الليلة إذ مناد ينادي على سدة جامع دمشق في يوم جمعة: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع. فصاح الناس لذلك.
فاستيقظت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فلما كان آخر يوم الخميس جاءنا وفاته، فنودي يوم الجمعة بعد الصلاة بموته، وصلي عليه صلاة الغائب.
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»