تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥٠ - الصفحة ٢٤٩
وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، ووضوح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي. وخطر لي الاشتغال بعلم الطب، فاشتريت كتاب ((القانون)) فيه، وعزمت على الاشتغال فيه، فأظلم علي قلبي، وبقيت أياما لا أقدر على الاشتغال بشيء، ففكرت في أمري، ومن أين دخل علي الداخل، فألهمني الله أن سببه اشتغالي بالطب، فبعث ((القانون)) في الحال، واستنار قلبي.
وقال: كنت مريضا بالرواحية، فبينا أنا في ليلة في الصفة الشرقية منها، وأبي وإخوتي نائمون إلى جنبي إذ نشطني الله وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي إلى الذكر، فجعلت أسبح، فبينا أنا كذلك بين السر والجهر، إذ شيخ حسن الصورة، جميل المنظر، يتوضأ على البركة في جوف الليل، فلما فرغ أتاني وقال: يا ولدي لا تذكر الله تشوش على والدك وإخوتك وأهل المدرسة. فقلت: من أنت؟ قال: أنا ناصح لك، ودعني أكون من كنت.
فوقع في نفسي أنه إبليس فقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورفعت صوتي بالتسبيح، فأعرض ومشى إلى ناحية باب المدرسة، فانتبه والدي والجماعة على صوتي، فقمت إلى باب المدرسة فوجدته مقفلا، وفتشتها فلم أجد فيها أحدا غير أهلها. فقال لي أبي: يا يحيى ما خبرك؟
فأخبرته الخبر، فجعلوا يتعجبون، وقعدنا كلنا نسبح ونذكر.
قلت: ثم سمع الحديث، فسمع ((صحيح مسلم)) من الرضى ابن البرهان. وسمع ((صحيح البخاري)) و ((ومسند أحمد))، و ((سنن أبي داود))، والنسائي، وابن ماجة، و ((جامع الترمذي)) و ((مسند الشافعي)) و ((سنن الدارقطني)) و ((شرح السنة)) وأشياء عديدة.
وسمع من: ابن عبد الدائم، والزين خالد، وشيخ الشيوخ شرف الدين عبد العزيز، والقاضي عماد الدين عبد الكريم بن الحرستاني، وأبي محمد عبد الرحمن بن سالم الأنباري، وأبي محمد إسماعيل بن أبي اليسر، وأبي
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»