فقيل إنه هرب من النشاب، ونزل في الماء إلى حلقه، ثم قتلوه، وبقي ملقى على جانب النيل ثلاثة أيام منتفخا، حتى شفع فيه رسول الخليفة فواروه.
وكان الذي باشر قتله أربعة، فلما قتل خطب على منابر الشام ومصر لأم خليل شجر الدر معشوقة الملك الصالح، وكانت ذات عقل وفطنة ودهاء.
قال أبو شامة: قتلوه وأمرا عليهم شجر الدر، فأخبرني من شاهد قتله أنه ضرب أولا، فتلقى السيف بيده فجرحت، واختبط الناس، ثم قالوا: بعد جرح الحية لا ينبغي إلا قتلها، فلبسوا) وأحاطوا بالبرج الذي صنع له في الصحراء لمغازلة الفرنج، فأمروا زراقا بإحراق البرج، فامتنع، فضروا عنقه، وأمروا آخر فرماه بالنفط، فهرب من بابه، وناشدهم الله بالكف عنه، وأنه يقلع عما نقموا عليه، فما أجابوه، فدخل في البحر إلى حلقه، فضربه البندقداري بالسيف، وقيل: ضربه على عاتقه، فنزل السيف من تحت إبطه الأخرى.
وحدثت أنه بقي يستغيث برسول الخليفة: يا أبي عز الدين أدركني. فجاء وكلمهم فيه، فردوه وخوفوه من القتل، فرجع، فلما قتلوه نودي: لا بأس، الناس على ما هم عليه، وإنما كانت حاجة قضيناها. واستبدوا بالأمر، وسلطنوا عليهم عز الدين أيبك التركماني، ولقبوه بالملك المعز.
وساروا إلى القاهرة.
قال ابن واصل: ولما دخل المعظم قلعة دمشق قامت الشعراء، فابتدأ شاعر بقصيدة قال أولها:
* قل لنا كيف جئت من حصن كيفا * حين أرغمت للأعادي أنوفا * فقال المعظم في الوقت:
* الطريق الطريق يألف نحس * مرة أمنا وطورا مخوفا *