تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٧ - الصفحة ٣٥٦
وريد بلسانهم الملك.
وشحنت دمياط بالذخائر، وأحكمت الشواني. ونزل فخر الدين ابن الشيخ بالعساكر فنزل على جيزة دمياط، فأقبلت مراكب الفرنج فأرست بإزاء المسلمين في صفر. ثم شرعوا من الغد في النزول إلى البر الذي فيه المسلمون. وضربت خيمة حمراء لريد افرنس، وناوشهم المسلمون القتال، فقتل يومئذ الأمير نجم الدين ابن شيخ الإسلام، والأمير الوزيري، فترحل فخر الدين ابن الشيخ بالناس، وقطع بهم الجسر إلى البر الشرقي الذي فيه دمياط، وتقهقر إلى أشمون طناح، ووقع الخذلان على أهل دمياط، فخرجوا منها طول الليل على وجوههم حتى لم يبق بها أحد.
وكان هذا من قبيح رأي فخر الدين فإن دمياط كانت في نوبة سنة خمس عشرة وستمائة أقل ذخائر وعددا، وما قدر عليها الفرنج إلى بعد سنة، وإنما هرب أهلها لما رأوا هرب العساكر وعلموا مرض السلطان.
فلما أصبحت الفرنج تملكوها صفوا بما حوت من العدد والأسلحة والذخائر والغلال والمجانيق، وهذه مصيبة لم يجر مثلها. فلما وصلت العساكر وأهل دمياط إلى السلطان، حنق على الكنانيين الشجعان الذين كانوا بها، وأمر بهم فشنقوا جميعا، ثم رحل بالجيش وسار إلى المنصورة، فنزل بها في المنزلة التي كان أبوه نزلها، وبها قصر بناه الكامل. ووقع النفير العام في المسلمين، فاجتمع بالمنصورة أمم لا يحصون من المطوعة والحربان والحرافشة، وشرعوا في الإغارة على الفرنج ومناوشتهم وتخطفهم، واستمر ذلك أشهرا، والسلطان يتزايد مرضه، والأطباء قد أيأسته لاستحكام مرض السل به.
وأما الكرك فإن صاحبها سافر إلى بغداد، فاختلف أولاده، وسار أحدهم إلى الملك الصالح، فسلم إليه الكرك، ففرح بها السلطان مع ما هو فيه من
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»