تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٧ - الصفحة ٣٤٣
فلما وردت أخبار أخذ دمشق فارق الملك الصالح سائر الأمراء والجند وطلبوا بلدهم وأهاليهم، وترحل هو إلى بيسان، وفسدت نيات من معه، وعلموا أن لا ملجأ له، وأنه قد تلاشى بالكلية،) وقال له حتى أعمامه وأقاربه: لا يمكننا المقام معك، أهالينا بدمشق. فأذن لهم فترحلوا بأطلابهم وهو ينظر إليهم، حتى فارقه طائفة من مماليكه، ولم يبق معه إلا أستاذ داره وزين الدين أمير جاندار ونحو سبعين مملوكا له. فلما جنه الليل أمر أن لا تشعل الفوانيس، ثم رحل في الليل ورد إلى جهة نابلس. فحكى لي الأمير حسام الدين قال: لما رحل السلطان من منزلته اختلفت كلمة من بقي معهم، وأشار بعضهم بالرجوع إلى الشرق فخاف أن يؤخذ لبعد المسافة وقال: ما أرى إلا التوجه إلى نابلس فالتجىء إلى ابن عمي الملك الناصر. فتوجه إلى نابلس. فلما طلعت الشمس ورأى مماليكه ما هو فيه من القلة واقعهم البكاء والنحيب. واعترضهم جماعة من العربان فقاتلوهم وانتصروا على العرب، ونزلوا بظاهر نابلس.
وقوي أمر الصالح إسماعيل، وجاءته الأمراء وتمكن. وكان وزيره أمين الدولة سامريا أسلم في صباه. وكان عمه وزيرا للأمجد صاحب بعلبك، ومات على دينه.
وأما العادل بمصر فإنه استوحش من الناصر داود وتغير عليه، فخلاه الناصر، ورد إلى الكرك ومعه سيف الدين علي بن قليج فوافق ما تم على الصالح. فبعث إلى الصالح يعده النصر، وأشار عليه بالنزول بدار الملك العظيم بنابلس. ثم نزل الناصر بعسكره. ثم أمر يوما بضرب البوق، وأوهم أن الفرنج قد أغاروا على ناحيته، فركب معه جماعة الصالح الذين معه، فحينئذ أمر الناصر بتسيير الملك الصالح إلى الكرك في الليل. فلم يصحب الصالح من غلمانه سوى
(٣٤٣)
مفاتيح البحث: دمشق (2)، البكاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»